هل يفعلها التنين الصيني والدب الروسي؟

| رائد البصري

هل‭ ‬نشهد‭ ‬تراجعا‭ ‬لهيمنة‭ ‬الدولار‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬التذبذب‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬أخيرًا؟

ولماذا‭ ‬تخشى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬الصين؟

يعتبر‭ ‬النفط‭ ‬والذهب‭ ‬أهم‭ ‬السلع‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬يتمتعان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مميزات‭ ‬ومكونات‭ ‬حتى‭ ‬أنهما‭ ‬أصبحا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تقيم‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬اقتصاديات‭ ‬الدول،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنهما‭ ‬يؤديان‭ ‬دورًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية‭ ‬خصوصًا‭ ‬النفط‭.‬

ويعزو‭ ‬معظم‭ ‬المحللين‭ ‬العلاقات‭ ‬المتينة‭ ‬بين‭ ‬الذهب‭ ‬والنفط‭ ‬إلى‭ ‬ارتباطهما‭ ‬بالدولار‭ ‬الأميركي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭.‬

ولكن‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بإنتاجية‭ ‬معظم‭ ‬السلع‭ ‬باعتباره‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬مكون‭ ‬تكلفة‭ ‬أية‭ ‬سلعة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أسعار‭ ‬الذهب‭ ‬والدولار‭ ‬تشبه‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬“القط‭ ‬والفأر”‭. ‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تمارس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬ضغوطًا‭ ‬على‭ ‬اقتصاديات‭ ‬دول‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬تركيا،‭ ‬روسيا،‭ ‬إيران،‭ ‬الصين،‭ ‬فنزويلا،‭ ‬كوبا‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬إذ‭ ‬تفرض‭ ‬عليهم‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬لإخضاعها‭ ‬لسياستها،‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬و‭ ‬شركاء‭ ‬آخرين‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تبرز‭ ‬دعوات‭ ‬مضادة‭ ‬لاعتماد‭ ‬عملات‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬التعاملات‭ ‬الخارجية‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الارتباط‭ ‬بالدولار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬على‭ ‬الدول،‭ ‬باعتبار‭ ‬الدولار‭ ‬العملة‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬وهو‭ ‬سلاح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬عقوباتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المعارضة‭ ‬لها،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬الدولار‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬يخسر‭ ‬بيت‭ ‬حكام‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬المال‭ ‬والذهب‭ ‬والنفط‭ ‬مصدر‭ ‬الطاقة‭ ‬والشريان‭ ‬الأساس‭ ‬وعصب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

‭ ‬هنا‭ ‬تبرز‭ ‬الدعوات‭ ‬لتدشين‭ ‬عملات‭ ‬وطنية‭ ‬تكسر‭ ‬احتكار‭ ‬الدولار‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

‭ ‬وعلى‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى،‭ ‬تكمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتفاق‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬“دافوس”‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬العملات‭ ‬المحلية‭ ‬كبديل‭ ‬للدولار،‭ ‬واعتماد‭ ‬العملات‭ ‬المحلية‭ ‬مثل‭ ‬الروبل‭ ‬واليوان‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬التبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بينها‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬توصي‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوربية‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوربي‭ ‬باستخدام‭ ‬اليورو‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬والترويج‭ ‬للعملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المكانة‭ ‬العالمية،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬فغالبية‭ ‬التكتلات‭ ‬العالمية‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬مصالحها‭ ‬ولكن‭ ‬لابد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬بصمة‭ ‬الدولار‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إلغاؤها‭ ‬بجرة‭ ‬قلم‭ ‬بل‭ ‬بعمل‭ ‬مدروس‭ ‬ومتدرج‭.‬

والأزمات‭ ‬العابرة‭ ‬تفرض‭ ‬أمورا‭ ‬بديلة،‭ ‬فالصين‭ ‬مثلا‭ ‬بدأت‭ ‬تطلق‭ ‬العملة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬“اليوان‭ ‬الرقمي”‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬بنكها‭ ‬المركزي،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أقاليم‭ ‬صينية،‭ ‬والسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هل‭ ‬تفعلها‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬مستغلتان‭ ‬تراجع‭ ‬الدولار‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬سعر‭ ‬للصرف‭.‬

الأيام‭ ‬المقبلة‭ ‬ستبرهن‭ ‬لنا‭ ‬ذلك‭.‬