ستة على ستة

السباق نحو لقاح كورونا... من يصل أولا!

| عطا السيد الشعراوي

رغم‭ ‬أن‭ ‬الانشغال‭ ‬الأكبر‭ ‬عالميًا‭ ‬حاليًا‭ ‬هو‭ ‬بتعداد‭ ‬الموتى‭ ‬والمصابين‭ ‬جراء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬يزداد‭ ‬مداها‭ ‬وضحاياها‭ ‬ويتسع‭ ‬خطرها‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬نهاية‭ ‬وشيكة‭ ‬لهذه‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سباقًا‭ ‬محمومًا‭ ‬موازيًا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غير‭ ‬منظور‭ ‬لكنه‭ ‬أشد‭ ‬خطرًا‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬نفسها‭.‬

هذا‭ ‬السباق‭ ‬يدور‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬لأجل‭ ‬تطوير‭ ‬لقاح‭ ‬ضد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”،‭ ‬وتشوبه‭ ‬محاولات‭ ‬وصراعات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬وشركات‭ ‬كبرى‭ ‬لأجل‭ ‬تحصيل‭ ‬أكبر‭ ‬الأرباح‭ ‬والمكاسب‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬صحة‭ ‬البشر‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬العدالة‭ ‬والتضامن‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬توارت‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬كانت‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬نموذج‭ ‬لها،‭ ‬لكنها‭ ‬تخلت‭ ‬عنها‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬شدة‭ ‬ومحنة‭ ‬كورونا،‭ ‬وهي‭ ‬مستعدة‭ ‬للتخلي‭ ‬عنها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ما‭ ‬ظفرت‭ ‬بهذا‭ ‬السباق‭ ‬ووصلت‭ ‬أولا‭ ‬للقاح‭ ‬كورونا‭ ‬لتتحكم‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬بكل‭ ‬مكان‭ ‬وتحدد‭ ‬السعر‭ ‬الذي‭ ‬يخفف‭ ‬الخسائر‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تكبدتها‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭.‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬ستصل‭ ‬حتمًا‭ ‬لنهاية‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬كان،‭ ‬فإن‭ ‬جهود‭ ‬العلماء‭ ‬وشركات‭ ‬الأدوية‭ ‬أيضًا‭ ‬ستصل‭ ‬للقاح‭ ‬المطلوب‭ ‬لهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬إن‭ ‬عاجلا‭ ‬أو‭ ‬آجلا‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭ ‬والأوبئة‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬ونجح‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬لقاحات‭ ‬لها،‭ ‬وعندها‭ ‬سيكون‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬التلاعب‭ ‬بمصائر‭ ‬الناس‭ ‬والتحكم‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احتكار‭ ‬الدول‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬الثمن‭ ‬الباهظ‭ ‬المتوقع‭ ‬لهذا‭ ‬اللقاح‭ ‬بإغراء‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬وشراء‭ ‬كل‭ ‬اللقاحات‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬متوفرة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬بأعلى‭ ‬الأسعار‭ ‬لتبدأ‭ ‬هي‭ ‬جولاتها‭ ‬وصراعات‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لتحقق‭ ‬أرباحًا‭ ‬مضاعفة‭.‬

على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستعدة‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬لهذا‭ ‬السباق‭ ‬وأن‭ ‬تعمل‭ ‬مع‭  ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريس‭ ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬لقاح‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬منفعة‭ ‬عامة‭ ‬عالمية‭ ‬كما‭ ‬طالب‭ ‬هو‭ ‬بذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬صحة‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بين‭ ‬كبار‭ ‬منتجي‭ ‬اللقاحات‭ ‬والقادرين‭ ‬على‭ ‬شرائها‭ ‬واحتكارها‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الرأسمالية‭ ‬الجشعة‭ ‬لم‭ ‬تتعلم‭ ‬درس‭ ‬كورونا‭ ‬جيدًا،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعلي‭ ‬التضامن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬المصيرية‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحياة‭ ‬والموت،‭ ‬فإنها‭ ‬لن‭ ‬تبحث‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬الأرباح‭ ‬أينما‭ ‬وجدت‭.‬