اليوم هو... يوم جديد

| د.حورية الديري

استوقفتني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات،‭ ‬وهي‭ ‬تطرح‭ ‬المبادرات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية‭ ‬ذات‭ ‬المضمون‭ ‬النوعي‭ ‬التخصصي،‭ ‬والتي‭ ‬ازدادت‭ ‬وتيرتها‭ ‬بالتحديد‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬حكومية‭ ‬وحملات‭ ‬توعوية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه‭.‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المبادرات‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬حملة‭ ‬مجتمع‭ ‬واعي،‭ ‬وخلك‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬عدة‭ ‬مضامين‭ ‬ترتبط‭ ‬بالقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬عبر‭ ‬رسالتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬والتي‭ ‬تنطق‭ ‬بما‭ ‬يخطّون‭ ‬لأنفسهم‭ ‬من‭ ‬أدوار‭ ‬ومهمات‭.‬

توقفت‭ ‬عند‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الصفحات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وأمسكت‭ ‬القلم‭ ‬لأحصر‭ ‬فقط‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يطلق‭ ‬المحاضرات‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الملتقيات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الأفلام‭ ‬التوعوية،‭ ‬فوجدت‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬‮٣٥‬‭ ‬حسابا‭ ‬محليا‭ ‬نشطا‭ ‬ممن‭ ‬نتابعهم‭ ‬ونعرفهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ - ‬وبشكل‭ ‬يومي‭ - ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬وأزمة‭ ‬كورونا،‭ ‬وذلك‭ ‬باختلاف‭ ‬تخصصاتهم‭ ‬وفئاتهم‭ ‬المستهدفة،‭ ‬هذا‭ ‬وإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬مشاركات‭ ‬شخصية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عما‭ ‬تطلقه‭ ‬المؤسسات‭ ‬المختلفة،‭ ‬حتمًا‭ ‬سنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬بين‭ ‬خيارات‭ ‬أرحب‭ ‬وأشمل‭.‬

الحديث‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬عن‭ ‬الحسابات‭ ‬فقط،‭ ‬وليس‭ ‬عن‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬تلك‭ ‬الحسابات‭ ‬ومدى‭ ‬نجاحها،‭ ‬إنما‭ ‬الحديث‭ ‬بالتحديد‭ ‬عن‭ ‬الترجمة‭ ‬الشعورية‭ ‬الرائعة‭ ‬والعميقة‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬التركيز‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المشاركين‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬لنا‭ ‬التعبير‭ ‬بالتسمية،‭ ‬ليكشف‭ ‬لنا‭ ‬جوانب‭ ‬تميزهم‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬رسالتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والمرونة‭ ‬في‭ ‬تكييفها‭ ‬كي‭ ‬تعبر‭ ‬مسارات‭ ‬عدة‭ ‬حسب‭ ‬المتغيرات‭ ‬والظروف‭ ‬لتحقق‭ ‬الغاية‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬يحققون‭ ‬ولادة‭ ‬شعور‭ ‬الرضا‭ ‬والتحفيز‭ ‬الذاتي‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬تحقيق‭ ‬غايتها،‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬بمجرد‭ ‬اعتراضها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬ومتغيرات‭ ‬عالمية‭.‬

وهنا‭ ‬يظهر‭ ‬لنا‭ ‬الفارق‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬وهم‭ ‬مثال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬لمن‭ ‬يتقن‭ ‬توجيه‭ ‬رسالته‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬محتارًا‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬مساره‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬معتاد‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الاتجاه‭ ‬والطريق،‭ ‬فيبقى‭ ‬منتظرًا‭ ‬حتى‭ ‬ينفتح‭ ‬له‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬اعتاده،‭ ‬متناسيًا‭ ‬قدراته‭ ‬وما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬أسرار،‭ ‬وبين‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭ ‬أعياه‭ ‬الانتقاد‭ ‬وبات‭ ‬تركيزه‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬محدود،‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬شخص‭ ‬بذاته،‭ ‬إنما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتركيز‭ ‬والاستعداد‭ ‬والاستحضار‭ ‬الدائم‭: ‬من‭ ‬نحن؟‭ ‬وماذا؟‭ ‬ولماذا؟‭ ‬وكيف؟‭ ‬ومتى؟‭ ‬عندما‭ ‬تجد‭ ‬الإجابة‭ ‬السهلة‭ ‬والصعبة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬مسارات‭ ‬حياتك‭ ‬ستكون‭ ‬مفتوحة،‭ ‬ومهما‭ ‬أُغلقت‭ ‬إحداها‭ ‬ستجد‭ ‬في‭ ‬غيرها‭ ‬أكثر‭ ‬تفاعلاً‭ ‬وحماسًا،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬تكتشف‭ ‬مسارات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬حياتك‭ ‬تدفعك‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬نوعية‭ ‬تبقيك‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬التاريخ‭ ‬بصمة‭ ‬وأثرا،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬إدراكا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لإمكانية‭ ‬توجيه‭ ‬رسالتنا‭ ‬بكل‭ ‬مرونة،‭ ‬كي‭ ‬تتقبل‭ ‬الواقع‭ ‬ويتقبلها،‭ ‬فما‭ ‬مضى‭ ‬مضى‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬بالأمس‭ ‬انقضى‭... ‬واليوم‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬جديد‭.‬