الصحافي البدوي

| علوي الموسوي

سأظل‭ ‬مقتنعًا‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نهرًا‭ ‬جاريًا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سدود‭. ‬الصحافة‭ ‬عملية‭ ‬تحضير‭ ‬لرفعة‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬والصحافة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬وراءها‭ ‬زلازلا‭ ‬لا‭ ‬أعترف‭ ‬بها،‭ ‬الصحافة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬صريخ‭ ‬ولا‭ ‬صهيل‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬أعترف‭ ‬بها،‭ ‬أنا‭ ‬مؤمن‭ ‬بالصحافة‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بالتغيير،‭ ‬بل‭ ‬تطالب‭ ‬بتفجير‭ ‬الطاقات‭ ‬الإبداعية‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬سمفونية‭ ‬الشخير‭ ‬العام‭.‬

في‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬نقول‭: ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬ألا‭ ‬تضيّع‭ ‬عناوين‭ ‬الجماهير‭ ‬والمجتمع،‭ ‬فالصحافيون‭ ‬الذين‭ ‬يغرفون‭ ‬من‭ ‬العدمية‭ ‬هم‭ ‬تمامًا‭ ‬كسفينة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بحر،‭ ‬أو‭ ‬كسيارة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إطارات‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الصحافي‭ ‬بدويًا‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحر‭ ‬والشمس،‭ ‬والعطش،‭ ‬والرمل،‭ ‬والتشرد،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحسس‭ ‬حرارة‭ ‬الجو‭ ‬وقسوة‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية،‭ ‬شهم،‭ ‬ذو‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ،‭ ‬صبور‭ ‬يرفض‭ ‬كل‭ ‬السروج‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬وتتصارع‭ ‬جهات‭ ‬عديدة‭ ‬بوضعها‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬قلمه،‭ ‬ومتى‭ ‬فقد‭ ‬الصحافي‭ ‬بداوته‭ ‬ومنح‭ ‬ظهره‭ ‬للراكبين‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬عام،‭ ‬مضطرًا‭ ‬للوقوف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محطة‭.‬

في‭ ‬البحرين‭ ‬نعيش‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬وكثيرة،‭ ‬محلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬وعالمية،‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للصحافة‭ ‬دورها‭ ‬التنويري،‭ ‬دور‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬يجيد‭ ‬التلميع‭ ‬انتهى،‭ ‬هذا‭ ‬عصر‭ ‬لا‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬صحافي‭ ‬قارع‭ ‬للطبول،‭ ‬ولكنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬تنويري‭ ‬وطني‭ ‬يثير‭ ‬الأعصاب‭ ‬ويميط‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬الممارسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬والفساد‭ ‬ويعري‭ ‬الوقائع‭ ‬ويقدم‭ ‬الحلول‭.‬

على‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬عامها‭ ‬الجديد‭ ‬أن‭ ‬تقص‭ ‬أرجل‭ ‬السرير‭ ‬الذي‭ ‬ينام‭ ‬عليه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬لتصطدم‭ ‬رؤوسهم‭ ‬بالأرض‭ ‬ويستيقظون‭ (‬مع‭ ‬الاعتذار‭ ‬لنزار‭ ‬قباني‭). ‬التحدي‭ ‬كبير‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬التصدي‭ ‬والنهوض‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬للنوم‭ ‬والرجل‭ ‬الخاطئ‭.‬

نجاح‭ ‬الصحافة‭ ‬مسؤولية‭ ‬مجتمعية‭ ‬وليس‭ ‬مؤسسية،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬المجتمع‭ ‬واعيا‭ ‬بقدر‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬مؤسساته،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬العكس‭ ‬فحدّث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭.‬