ما وراء الحقيقة

مسرحية غبية

| د. طارق آل شيخان الشمري

نشرت‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬الأناضول‭ ‬تغريدة‭ ‬عبر‭ ‬موقعها،‭ ‬كتبت‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الرعب‭ ‬انتابت‭ ‬السعودية‭ ‬جراء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الخطوات‭ ‬الاستباقية‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الرياض‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬لمحاصرة‭ ‬المرض‭ ‬وعدم‭ ‬انتشاره،‭ ‬وهي‭ ‬خطوات‭ ‬حاولت‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬أنقرة‭ ‬لاحقا‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬أسابيع،‭ ‬وجعلتنا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الأتراك‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬حالة‭ ‬رعب‭ ‬وليس‭ ‬السعوديين‭.‬

نذكر‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬التركية‭ ‬أصدرت‭ ‬قرارا‭ ‬بمنع‭ ‬التجول‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬خلال‭ ‬ساعتين،‭ ‬تصوروا‭... ‬خلال‭ ‬ساعتين‭ ‬فقط‭ ‬يريدون‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬التركي‭ ‬الشقيق‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬ما‭ ‬أصابه‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الرعب‭ ‬والهلع‭ ‬والغضب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬بينما‭ ‬بالسعودية،‭ ‬اتخذت‭ ‬السلطات‭ ‬نفس‭ ‬القرار،‭ ‬لكن‭ ‬أعطت‭ ‬مهلة‭ ‬لتطبيقه‭ ‬حتى‭ ‬يتكيف‭ ‬الناس‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬ألا‭ ‬تستطيع‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬أبسط‭ ‬خطوات‭ ‬إصدار‭ ‬قرارات‭ ‬الحظر،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يتكيف‭ ‬الناس‭ ‬معها؟

والمضحك‭ ‬بالأمر‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬حالة‭ ‬الهلع‭ ‬والرعب‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬مواطنو‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إدراجها‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬حظر‭ ‬التجوال،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تناقلت‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الإدارة‭ ‬التركية،‭ ‬خرجوا‭ ‬علينا‭ ‬بمسرحية‭ ‬أعلن‭ ‬فيها‭ ‬صاحب‭ ‬إصدار‭ ‬القرار‭ ‬أنه‭ ‬يتحمل‭ ‬وحده‭ ‬مسؤولية‭ ‬تبعات‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الخاطئ،‭ ‬وأنه‭ ‬يقدم‭ ‬استقالته‭ ‬تكفيرا‭ ‬عما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬هلع،‭ ‬وهو‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬للناخبين‭ ‬بأنه‭ ‬متحضر‭ ‬سياسيا،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يكتمل‭ ‬إلا‭ ‬برفض‭ ‬الاستقالة‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فعلا‭ ‬بمسرحية‭ (‬قدم‭ ‬استقالتك‭ ‬ثم‭ ‬سنرفضها‭) ‬لكي‭ ‬يستغبوا‭ ‬الآخرين‭.‬

سبحان‭ ‬الله،‭ ‬انقلب‭ ‬السحر‭ ‬على‭ ‬الساحر،‭ ‬أرادت‭ ‬وكالة‭ ‬الأناضول‭ ‬الرسمية‭ ‬أن‭ ‬تشمت‭ ‬بنا،‭ ‬فأذاقها‭ ‬الله‭ ‬الشماتة‭ ‬وفضحها‭ ‬بقرار‭ ‬الحظر‭ ‬ثم‭ ‬بمسرحية‭ ‬الاستقالة،‭ ‬وبهذا،‭ ‬كورونا‭ ‬كشفت‭ ‬لنا‭ ‬حجم‭ ‬العقلية‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬طبل‭ ‬ورقص‭ ‬لها‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمون‭ ‬والمستتركون‭.‬