ستة على ستة

كورونا وحاجة الجماعات العرقية للمعالجة الإنسانية

| عطا السيد الشعراوي

من‭ ‬أهم‭ ‬جوانب‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬عدم‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم،‭ ‬فالجميع‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬وعناية،‭ ‬ولنا‭ ‬المثال‭ ‬الأوضح‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الدولة‭ ‬إزاء‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬وضعا‭ ‬صعبا‭ ‬يجعلها‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬لأسباب‭ ‬معظمها‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادتها،‭ ‬فكانت‭ ‬التوجيهات‭ ‬الحضارية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬لضمان‭ ‬الضوابط‭ ‬الاحترازية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الكثافة‭ ‬العددية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬سكن‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة،‭ ‬وملاحظتهم‭ ‬باستمرار‭ ‬وإجراء‭ ‬الفحوصات‭ ‬العشوائية‭ ‬لهم‭.‬

وكما‭ ‬كانت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬وإجراءات‭ ‬المكافحة‭ ‬وتدابير‭ ‬التصدي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬كانت‭ ‬سباقة‭ ‬أيضًا‭ ‬ومتفردة‭ ‬وأعطت‭ ‬مثالا‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعالجة‭ ‬الشاملة‭ ‬والواعية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنظر‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬“فيروسات”‭ ‬يجب‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬كما‭ ‬ادعى‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬يدا‭ ‬حانية‭ ‬لأنها‭ ‬تعلم‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬الجاني،‭ ‬إنما‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الضحية،‭ ‬وأن‭ ‬حماية‭ ‬المجتمع‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بحماية‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭.‬

من‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬استيائهم‭ ‬وامتعاضهم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬ويطالبون‭ ‬بترحيلها‭ ‬يعرفون‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الحدود،‭ ‬ولا‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭  ‬البشر،‭ ‬لكنهم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تواجه‭ ‬وضعًا‭ ‬مشابهًا،‭ ‬فبعض‭ ‬الفئات‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬من‭ ‬غيرها،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬والإثنية‭.‬

ولعلي‭ ‬أستشهد‭ ‬هنا‭ ‬بالإحصاءات‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬72‭ % ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شيكاغو‭ ‬بأميركا‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬البشرة‭ ‬السمراء،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يمثلون‭ ‬إلا‭ ‬ثلث‭ ‬سكان‭ ‬المدينة،‭ ‬وفي‭ ‬ولاية‭ ‬جورجيا،‭ ‬شكل‭ ‬ذوو‭ ‬البشرة‭ ‬البيضاء‭ ‬40‭ % ‬من‭ ‬المصابين،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬يمثلون‭ ‬58‭ % ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الولاية،‭ ‬وفي‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬كان‭ ‬35‭ % ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الإصابات‭ ‬الأولى‭ ‬بالفيروس‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬أقليات‭ ‬عرقية‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬إلا‭ ‬14‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬إنجلترا‭ ‬وويلز‭.‬