ريشة في الهواء

رؤية خليفة بن سلمان للمستقبل

| أحمد جمعة

منذ‭ ‬تأسست‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وهي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬أساسية‭ ‬راسخة‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬ركائز‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬متأمل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يدركها‭ ‬بأول‭ ‬وهلة‭ ‬وهي‭ ‬الوسطية‭ ‬والتنوير‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬قطعت‭ ‬البحرين‭ ‬أشواطا‭ ‬بعيدة‭ ‬وقامت‭ ‬سياستها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬وحافظت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬منذ‭ ‬تأسست‭ ‬وترسخت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬بمعاضدة‭ ‬شقيقه‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره‭ ‬وحفظه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شر‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬الذي‭ ‬حافظ‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬المراحل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬وثبتها‭ ‬ومضت‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬الساعة‭ ‬تعمل‭ ‬بهذا‭ ‬النهج‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬اختطته‭ ‬البحرين‭ ‬رأينا‭ ‬خلال‭ ‬المراحل‭ ‬المنصرمة‭ ‬كيف‭ ‬تخطت‭ ‬البلاد‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬والمحن‭ ‬والأزمات،‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬ومالية،‭ ‬وكيف‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬نظام‭ ‬عصري‭ ‬أساسه‭ ‬الإدارة‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تواكب‭ ‬العصر‭ ‬وتساير‭ ‬التغيير،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬دولة‭ ‬تتبوأ‭ ‬مكانة‭ ‬عالمية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وتكون‭ ‬مركزا‭ ‬حضاريا‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تتخط‭ ‬حدود‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬عليه‭ ‬وهو‭ ‬الوسطية‭ ‬والتنوير‭ ‬والانفتاح،‭ ‬وقد‭ ‬عمل‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬ودعمه‭ ‬وترسيخه‭ ‬بالأفعال‭ ‬وليس‭ ‬الأقوال‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جاءت‭ ‬به‭ ‬دعوة‭ ‬سموه‭ ‬الأخيرة‭ ‬بضرورة‭ ‬وأهمية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجية‭ ‬مستقبلية‭ ‬تحفظ‭ ‬للبحرين‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬لتواجه‭ ‬تحديات‭ ‬المستقبل‭. ‬إن‭ ‬دعوته‭ ‬هذه‭ ‬وتوجيهه‭ ‬ذكرني‭ ‬بكل‭ ‬الأدبيات‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬قادة‭ ‬الفكر‭ ‬والسياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والتي‭ ‬تدعو‭ ‬بعد‭ ‬زلزال‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭ ‬تكون‭ ‬قاعدته‭ ‬التنبؤ‭ ‬بالمستقبل‭ ‬ووضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تأخذ‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬الحاضر‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬العالم‭ ‬ليكون‭ ‬فريق‭ ‬الأزمات‭ ‬القادم‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬ودراية‭ ‬بالتحديات‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نعمل‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬فلن‭ ‬نستطيع‭ ‬خلال‭ ‬المراحل‭ ‬القادمة‭ ‬مواجهة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الزلازل‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬المجهول‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬صحية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التحديات‭.‬

إن‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬يزخر‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الأخطار‭ ‬المحدقة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬هناك‭ ‬التحدي‭ ‬النووي‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬مفاعلات‭ ‬قديمة‭ ‬وبالية‭ ‬ومهترئة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬ومنها‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ ‬وقع‭ ‬حادث‭ ‬تسرب؟‭ ‬أو‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬عمل‭ ‬تخريبي‭ ‬إرهابي‭ ‬بهذه‭ ‬المفاعلات؟‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬ظهرت‭ ‬أوبئة،‭ ‬بدون‭ ‬استراتيجية‭ ‬مستقبلية‭ ‬لن‭ ‬نكون‭ ‬بمأمن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭. ‬إن‭ ‬رؤية‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬تلبي‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭ ‬بل‭ ‬تسبق‭ ‬المستقبل‭ ‬طالما‭ ‬هي‭ ‬رؤية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭ ‬ذاته،‭ ‬وقد‭ ‬ذكرتني‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬بتنبؤات‭ ‬بيل‭ ‬جيتس‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬العالم‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬الدول‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬بعمل‭ ‬خطط‭ ‬مستقبلية‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬يعمل‭ ‬ويضع‭ ‬الأساسيات‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭.‬

 

تنويرة‭:‬

الدواء‭ ‬قاتل‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬الداء‭.‬