يوم الصحافة

| د. عبدالله الحواج

في‭ ‬يومها،‭ ‬وجه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬كلمة‭ ‬شاملة‭ ‬جامعة‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬مفادها‭: ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬التواقة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الصحافة‭ ‬معرفة‭ ‬لا‭ ‬ترفا‭ ‬أثرا‭ ‬بالغا‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬والضمير،‭ ‬وليست‭ ‬كمالية‭ ‬نلقي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬سلال‭ ‬المهملات‭ ‬بعد‭ ‬قضاء‭ ‬حاجتنا‭ ‬منها،‭ ‬أملا‭ ‬مفتوحا‭ ‬لكل‭ ‬صاحب‭ ‬قلم‭ ‬لكي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬مكنون‭ ‬أمته،‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬تراثها‭ ‬وأمالها‭ ‬وحضارتها‭.‬

خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬أصاب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المضامين،‭ ‬وسبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأغوار،‭ ‬ودق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ناقوس‭ ‬إفاقة‭ ‬للذين‭ ‬مازالوا‭ ‬على‭ ‬أسرة‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬متشبثين‭ ‬بالتجاوز‭ ‬والتحايل‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الدامغ،‭ ‬وعلى‭ ‬الأمم‭ ‬المكافحة،‭ ‬وعلى‭ ‬العقل‭ ‬الجمعي‭ ‬المستقبل‭ ‬للكلمة‭ ‬الأمينة‭ ‬وكأنها‭ ‬رصاصة‭ ‬رحمة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تتوفر‭ ‬لها‭ ‬منصات‭ ‬مستقيمة‭ ‬وآليات‭ ‬عادلة‭ ‬ووسائل‭ ‬إعلام‭ ‬أيضا‭ ‬أمينة‭.‬

سموه‭ ‬يتوغل‭ ‬في‭ ‬أدغال‭ ‬الكلمة‭ ‬المؤثرة‭ ‬وفي‭ ‬أعماق‭ ‬الصناعة‭ ‬الصحافية‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬المعارف‭ ‬المتنوعة،‭ ‬فيشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أوجدت‭ ‬واقعا‭ ‬معرفيا‭ ‬جديدا،‭ ‬واخترقت‭ ‬حدودا‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬سموه‭ ‬إنحاز‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬للصحافة‭ ‬المطبوعة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬الأمرَّين‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ومن‭ ‬الترويج‭ ‬لفكرة‭ ‬نهاية‭ ‬النهاية‭ ‬لصناعة‭ ‬نشأت‭ ‬وترعرعت‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬الحرية‭ ‬المسئولة‭ ‬للجملة‭ ‬المفيدة،‭ ‬فأثرت‭ ‬وتعملقت‭ ‬وتعقلنت،‭ ‬وقامت‭ ‬بتشكيل‭ ‬العقل‭ ‬النوعي‭ ‬للأمم‭ ‬وهي‭ ‬تدافع‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‭ ‬الصلبة‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المعلومة‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الصحيح،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬القارئ‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬الأحداث‭ ‬ومسارح‭ ‬العمليات‭ ‬وكأنه‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬منها‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬دعوة‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬صريحة‭ ‬لا‭ ‬مواربةً‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬محسنات‭: (‬إن‭ ‬الصحافة‭ ‬المطبوعة‭ ‬أيقونة‭ ‬ألهمت‭ ‬الكم‭ ‬المتنوع‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭)‬،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬التطلع‭ ‬لنشر‭ ‬منصات‭ ‬اجتماعية‭ ‬لمضمون‭ ‬إعلامي‭ ‬راق‭ ‬يعزز‭ ‬المعرفة،‭ ‬ولا‭ ‬يخصم‭ ‬منها،‭ ‬يضيف‭ ‬إليها،‭ ‬ولا‭ ‬يشوه‭ ‬معالمها،‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬همتها‭ ‬ولا‭ ‬يحبط‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الهمة‭.‬

ولأن‭ ‬النسيان‭ ‬آفة‭ ‬إنسانية‭ ‬عابرة‭ ‬للأزمنة‭ ‬والأمكنة،‭ ‬فإن‭ ‬سموه‭ ‬عاد‭ ‬ليذكرنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬المبارك‭ ‬بأن‭ ‬الكلمة‭ ‬المسئولة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬كورونا‭ ‬ليست‭ ‬مثلما‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬عالم‭ ‬كورونا،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬سوف‭ ‬تتعرض‭ ‬لاختبار‭ ‬أقوى‭ ‬وأشد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬عندما‭ ‬تزول‭ ‬الجائحة‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬ستصبح‭ ‬مثلاً‭ ‬الدرع‭ ‬الواقي‭ ‬للنفس‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬هلع‭ ‬محدق،‭ ‬ومن‭ ‬ذعر‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الصحة،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تطمئن،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تهدئ‭ ‬من‭ ‬الروع،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقوم،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬التوعية‭ ‬الرحيمة‭ ‬بالبشرية‭ ‬جمعاء‭.‬

الحكومة‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التجاوب‭ ‬السريع‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تطرحه‭ ‬الصحافة،‭ ‬نعم‭ .. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬عهدنا‭ ‬الدائم‭ ‬بحكومتنا‭ ‬الرشيدة،‭ ‬بل‭ ‬وبقيادتنا‭ ‬الواعية‭ ‬الحكيمة،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ديدننا‭ ‬معها‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬أملنا‭ ‬منها‭ ‬وفيها،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬صراطنا‭ ‬المستقيم‭ ‬عندما‭ ‬نقرر‭ ‬أن‭ ‬نمسك‭ ‬بالقلم،‭ ‬وأن‭ ‬نكتب‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬لا‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬باطل،‭ ‬وأن‭ ‬نذهب‭ ‬بعيدا‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬يعم‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ربوع‭ ‬البلاد‭ ‬ورباها،‭ ‬إنه‭ ‬يوم‭ ‬الأمل‭ ‬لكل‭ ‬صحفي،‭ ‬ويوم‭ ‬الجدارة‭ ‬لكل‭ ‬صاحب‭ ‬قلم‭ ‬يعتقد‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬القلم،‭ ‬ولكل‭ ‬مسؤول‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬التجاوب‭ ‬مع‭ ‬سؤال‭ ‬لصحفي‭ ‬أنه‭ ‬عبء‭ ‬ثقيل‭ ‬وظل‭ ‬أثقل‭ ‬ومسئولية‭ ‬أكبر‭ ‬وحمل‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬ناقة‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬جمل‭.‬

شكرا‭ ‬لك‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو؛‭ ‬لأنك‭ ‬لم‭ ‬تنس‭ ‬حملة‭ ‬مشاعر‭ ‬النور،‭ ‬ولأن‭ ‬سموكم‭ ‬لم‭ ‬تمروا‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬على‭ ‬يوم‭ ‬أحسبه‭ ‬مثلما‭ ‬تحسبونه‭ ‬يا‭ ‬طويل‭ ‬العمر،‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬العمر‭.‬