أنسنة

“العمل المرن”... شروط وأسئلة

| رجاء مرهون

استجابة‭ ‬لحدة‭ ‬الجدل‭ ‬والأسئلة‭ ‬المتزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة،‭ ‬أطل‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أسامة‭ ‬العبسي‭ ‬متحدثا‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬المصابين‭ ‬والمحجورين،‭ ‬معلنا‭ ‬عن‭ ‬تصحيح‭ ‬الأوضاع‭ ‬القانونية‭ ‬لـ‭ ‬‮١٣‬‭ ‬ألف‭ ‬عامل‭ ‬وافد‭ ‬مخالف‭ ‬منذ‭ ‬1‭ ‬أبريل‭ (‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭).‬

ورغم‭ ‬حديث‭ ‬العبسي‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬عن‭ ‬“تصحيح‭ ‬أوضاع‭ ‬العمال‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬وضعهم‭ ‬تحت‭ ‬أرباب‭ ‬عمل”،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المنطق‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصحيح‭ ‬أوضاع‭ ‬هؤلاء‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬عبر‭ ‬إعطائهم‭ ‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬المرن‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬الحصول‭ ‬عليه‭ ‬مجانيا،‭ ‬فصعب‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬إيجاد‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬تصحيح‭ ‬أوضاعهم‭ ‬مع‭ ‬رب‭ ‬عمل‭ ‬يضمن‭ ‬لهم‭ ‬وظيفة‭ ‬ودخلا‭ ‬ثابتين‭.‬

البارز‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بأحد‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬لمنح‭ ‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬المرن،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬التصاريح‭ ‬الممنوحة‭ ‬حاجز‭ ‬الـ‭ ‬‮٢٠٠٠‬‭ ‬شهريا‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬حدوث‭ ‬صدمة‭ ‬ضارة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل،‭ ‬شرط‭ ‬آخر‭ ‬مهم،‭ ‬أعلنته‭ ‬الهيئة‭ ‬عند‭ ‬إطلاق‭ ‬الترخيص‭ ‬في‭ ‬2017،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬به،‭ ‬ألا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬إعطاء‭ ‬الترخيص‭ ‬سيقتصر‭ ‬على‭ ‬العمال‭ ‬الذين‭ ‬ألغيت‭ ‬تصاريح‭ ‬عملهم‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬تجدد‭ ‬قبل‭ ‬تاريخ‭ ‬20‭ ‬سبتمبر‭ ‬2016‭ (‬موعد‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الترخيص‭)‬،‭ ‬والواقع‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬تجاوزت‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬أيضا‭. ‬

إن‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوة‭ ‬تحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬كبيرة،‭ ‬فقد‭ ‬تشجع‭ ‬أصحاب‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬تراخيص‭ ‬العمل‭ ‬دون‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬تسفير‭ ‬العمال،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مؤسسات‭ ‬كثيرة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬الصعوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تزايد‭ ‬السجلات‭ ‬التجارية‭ ‬المشطوبة‭ ‬وتراخيص‭ ‬العمل‭ ‬الملغاة‭ ‬تلقائيا،‭ ‬وهذا‭ ‬سيجعلنا‭ ‬أمام‭ ‬آلاف‭ ‬الطلبات‭ ‬الجديدة‭ ‬المؤهلة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬العمل‭ ‬المرن‭. ‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬هو،‭ ‬ألا‭ ‬ترى‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬لإعطاء‭ ‬هذه‭ ‬الحشود‭ ‬تراخيص‭ ‬العمل‭ ‬المرن‭ ‬على‭ ‬البحرنة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والمجتمع‭ ‬والأمن؟‭ ‬وهل‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬حساباتها‭ ‬أن‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬قد‭ ‬يفضلون‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬دخل‭ ‬حتى‭ ‬بسيط‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬العودة‭ ‬للمجهول‭ ‬في‭ ‬بلادهم؟‭.‬