أنسنة

كورونا المستجد... أزمة وفرص (3)

| رجاء مرهون

تسيد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬وتواجدها‭ ‬وتكلفتها‭ ‬وأوضاعها‭ ‬وحقوقها‭ ‬وواجباتها‭ ‬المشهد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬صفوفها،‭ ‬بل‭ ‬تطور‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬بترحيل‭ ‬المخالفين‭ ‬وغير‭ ‬العاملين‭.‬

وأرى‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬فرصة‭ ‬لدراسة‭ ‬الواقع‭ ‬الراهن،‭ ‬وتصويب‭ ‬البوصلة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬ارتباطا‭ ‬محوريا‭ ‬بإنسانيتنا‭ ‬واقتصادنا‭ ‬وهويتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬وسأضع‭ ‬أمام‭ ‬القارئ‭ ‬الكريم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬المتصلة‭ ‬بالقضية‭ ‬تمهيدا‭ ‬لما‭ ‬سأطرحه‭ ‬من‭ ‬رؤى‭.‬

تعيش‭ ‬الغالبية‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬مساكن‭ ‬ضيقة‭ ‬ومكتظة‭ ‬وتفتقر‭ ‬لأبسط‭ ‬مقومات‭ ‬السكن،‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬لأية‭ ‬إجراءات‭ ‬رقابية‭ ‬أو‭ ‬تفتيشية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬منازل‭ ‬وممتلكات‭ ‬خاصة،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الأنباء‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الحالات‭ ‬المصابة‭ ‬ضمن‭ ‬العمالة‭ ‬النظامية‭ ‬التابعة‭ ‬لشركات‭ ‬مقاولات‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أنواعها،‭ ‬وليست‭ ‬لعمالة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭. ‬

منذ‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة،‭ ‬قيدت‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للعمالة‭ ‬عودة‭ ‬رعاياها،‭ ‬فاشترطت‭ ‬الفلبين‭ ‬والهند‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬إصدار‭ ‬شهادة‭ ‬عدم‭ ‬إصابة‭ ‬بالفيروس‭ ‬للعمال‭ ‬الذين‭ ‬صدرت‭ ‬ضدهم‭ ‬أحكام‭ ‬قضائية‭ ‬بالترحيل‭ ‬لأسباب‭ ‬جنائية،‭ ‬وأضحت‭ ‬العملية‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬مع‭ ‬إغلاق‭ ‬المطارات‭ ‬والحدود،‭ ‬وبالسنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬دخل‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ما‭ ‬معدله‭ ‬‮٣‬‭ ‬عمال‭ ‬أجانب‭ ‬مقابل‭ ‬بحريني‭ ‬واحد،‭ ‬وهذا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬نسبة‭ ‬البحرنة‭ ‬لـ‭ ‬‮١٧‬‭% ‬فقط،‭ ‬وفقد‭ ‬المواطن‭ ‬هيمنته‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬عديدة‭. ‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬ألخص‭ ‬رؤاي‭ ‬بالتالي‭: ‬إن‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬باقية‭ ‬معنا‭ ‬حتى‭ ‬انتهاء‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬ترحيل‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬غير‭ ‬واقعي‭.‬

يتحدث‭ ‬العلماء‭ ‬عن‭ ‬قدرة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬مهن‭ ‬احترافية‭ ‬كالمحاسب‭ ‬والإعلامي‭ ‬والصحافي‭ ‬في‭ ‬المنظور‭ ‬القريب،‭ ‬لذا‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬اقتصادنا‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الأيدي‭ ‬غير‭ ‬الماهرة‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬وهناك‭ ‬ضرورة‭ ‬لغربلة‭ ‬أيدي‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ (‬النظامية‭ ‬وغير‭ ‬النظامية‭) ‬وخفضها‭ ‬للحدود‭ ‬الآمنة‭ ‬اجتماعيا‭. ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لأن‭ ‬يغير‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬موقفه‭ ‬بشأن‭ ‬انخفاض‭ ‬نسب‭ ‬البحرنة‭ ‬وحديثه‭ ‬المتكرر‭ ‬بأنها‭ ‬ليست‭ ‬مشكلة‭ (‬المهم‭ ‬توظيف‭ ‬البحرينيين‭.. ‬وحجم‭ ‬نمو‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬مبرر‭ ‬ولا‭ ‬يعنينا‭)‬،‭ ‬فالواقع‭ ‬أظهر‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭ ‬بجلاء‭.‬