سوالف

أنقذوا المكتبة العربية من الترهات وتضليل دور النشر

| أسامة الماجد

عطفا‭ ‬على‭ ‬عمودنا‭ ‬“روايات‭ ‬الشر‭ ‬وبريق‭ ‬الإغراء‭ ‬واليد‭ ‬الفاسدة”،‭ ‬دار‭ ‬حديث‭ ‬مطول‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الزميل‭ ‬وأستاذي‭ ‬الروائي‭ ‬أحمد‭ ‬جمعة‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬“أن‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬محتالة‭ ‬تبتز‭ ‬الشباب‭ ‬وتسرقهم،‭ ‬وتضيع‭ ‬فرصا‭ ‬لهم،‭ ‬وتلك‭ ‬الدور‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بشيء‭ ‬مادامت‭ ‬تقبض‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬مقابل‭ ‬نشر‭ ‬ترهاتهم”،‭ ‬وهذه‭ ‬الإشكالية‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬تدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الروح‭ ‬والحياة‭ ‬في‭ ‬“الثقافة”‭ ‬ورسالة‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نجدها‭ ‬ممددة‭ ‬فوق‭ ‬ضريح‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬بوجود‭ ‬ثورة‭ ‬ثقافية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬والنظم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أثرا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشعوب‭ ‬وسير‭ ‬العالم،‭ ‬والمثقفون‭ ‬لا‭ ‬يقلون،‭ ‬أو‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬الأصح‭ ‬يفوقون‭ ‬رجال‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتوجيهها‭ ‬نحو‭ ‬الأسعد‭ ‬من‭ ‬مستقبلها‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬الأشقی،‭ ‬لذلك‭ ‬فالثقافة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يتسم‭ ‬بهدوء‭ ‬الفيلسوف‭ ‬ورزانة‭ ‬العالم‭ ‬وبطء‭ ‬المفكر‭ ‬وفردية‭ ‬الباحث‭ ‬وانطوائية‭ ‬الأديب،‭ ‬لكنه‭ ‬يتسم‭ ‬بالجرأة‭ ‬والتجديد،‭ ‬عمل‭ ‬جماعي‭ ‬لحفظ‭ ‬تراث‭ ‬الإنسانية‭ ‬ووضع‭ ‬أصول‭ ‬وقواعد‭ ‬ومواثيق‭ ‬كمواثيق‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والأصول‭ ‬والقواعد‭ ‬التي‭ ‬أفضت‭ ‬إليها‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬هديها‭ ‬الثقافة‭ ‬فلا‭ ‬تكون‭ ‬أداة‭ ‬للتخريب‭ ‬ولا‭ ‬وسيلة‭ ‬للاستغلال‭ ‬والاستعباد،‭ ‬ولا‭ ‬أداة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬تضليل‭ ‬المجتمعات‭ ‬والشعوب‭.‬

الثقافة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ملتزمة‭ ‬مع‭ ‬الإنسانية،‭ ‬تعمل‭ ‬للسمو‭ ‬بالعلم‭ ‬والفكر،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬للسمو‭ ‬بالخلق‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬معناه‭ ‬الأعم،‭ ‬فلا‭ ‬تكون‭ ‬ثقافة‭ ‬بدون‭ ‬خلق‭ ‬لتنغمر‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السلبية‭ ‬الذي‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬اليأس‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬والعلم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانا‭ ‬أمل‭ ‬الإنسانية‭.‬

 

ما‭ ‬تفعله‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الترهات‭ ‬هو‭ ‬الانحراف‭ ‬بعينه‭ ‬الذي‭ ‬يسلك‭ ‬بالفنون‭ ‬والآداب‭ ‬سبيل‭ ‬الضلال،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬مسؤولة‭ ‬من‭ ‬الجهات،‭ ‬ولجان‭ ‬تقيم‭ ‬مادة‭ ‬كتب‭ ‬الشباب‭ ‬قبل‭ ‬نشرها،‭ ‬وإلا‭ ‬ستكون‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬مثل‭ ‬الشجر‭ ‬الشاحب‭ ‬الغارق‭ ‬في‭ ‬الصمت‭ ‬الطويل‭.‬