رؤيا مغايرة

رمضان في زمن الكورونا

| فاتن حمزة

قال‭ ‬تعالى‭: ‬“وَعَسَى‭ ‬أَن‭ ‬تَكْرَهُواْ‭ ‬شَيْئاً‭ ‬وَهُوَ‭ ‬خَيْرٌ‭ ‬لَّكُمْ”‭ (‬البقرة‭: ‬216‭). ‬استحضرت‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬وأنا‭ ‬أرى‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أوضاعنا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬جاءنا‭ ‬بطعم‭ ‬مختلف‭ ‬اختفت‭ ‬معه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬التي‭ ‬ألفناها‭ ‬واعتدنا‭ ‬عليها،‭ ‬لكن‭ ‬علمت‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬أن‭ ‬سنة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شر‭ ‬خيرا‭.‬

ولنا‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬بعض‭ ‬فوائد‭ ‬الكورونا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬لقد‭ ‬اختفت‭ ‬مظاهر‭ ‬التباهي‭ ‬والإسراف‭ ‬وما‭ ‬تحتويه‭ ‬من‭ ‬تجاوزات‭ ‬شرعية،‭ ‬واختفت‭ ‬الخيم‭ ‬التي‭ ‬تغلب‭ ‬عليها‭ ‬الشيشة‭ ‬والتدخين،‭ ‬اختفت‭ ‬أيضا‭ ‬التجمعات‭ ‬الشبابية‭ ‬غير‭ ‬المفيدة‭ ‬التي‭ ‬تغلب‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬المحظورات‭ ‬الشرعية‭. ‬عادت‭ ‬اللمات‭ ‬العائلية‭ ‬كسابق‭ ‬عهدها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬يلهث‭ ‬وراء‭ ‬الفنادق‭ ‬لتناول‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬صور‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬التفاخر‭ ‬والتباهي،‭ ‬وعاد‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬إلى‭ ‬مطبخ‭ ‬بيته‭ ‬ليصنع‭ ‬طعامه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المطاعم‭ ‬الخارجية‭. ‬

خلت‭ ‬الشوارع‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬ومعها‭ ‬التلوث‭ ‬البيئي،‭ ‬وقلت‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬مع‭ ‬التزام‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬بالمنزل،‭ ‬ووفر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أموالهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توقفت‭ ‬مظاهر‭ ‬الإسراف‭. ‬صدق‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬إذ‭ ‬قال‭: ‬“فَعَسَى‭ ‬أَن‭ ‬تَكْرَهُواْ‭ ‬شَيْئاً‭ ‬وَيَجْعَلَ‭ ‬اللّهُ‭ ‬فِيهِ‭ ‬خَيْراً‭ ‬كَثِيراً”‭ (‬النساء‭: ‬19‭).‬

بإذن‭ ‬الله‭ ‬سيذهب‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وستعود‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬لكن‭ ‬ليتنا‭ ‬نتعظ‭ ‬من‭ ‬أخطائنا،‭ ‬وندرك‭ ‬كم‭ ‬كنا‭ ‬مقصرين‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬سواء‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬العائلية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نمارسها‭ ‬بشكل‭ ‬خاطئ‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬لقد‭ ‬غابت‭ ‬عنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬أو‭ ‬أخذتنا‭ ‬الحياة‭ ‬ومشاغلها،‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬صفعة‭ ‬توقظنا‭ ‬لنعيد‭ ‬حساباتنا‭ ‬وإصلاح‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه‭. ‬ختاما‭ ‬أهنئ‭ ‬وأبارك‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬حلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬أعاده‭ ‬الله‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭ ‬بالخير‭ ‬واليمن‭ ‬والبركات‭ ‬ودعواتنا‭ ‬أن‭ ‬تزول‭ ‬الغمة‭ ‬عاجلا‭.‬