شهر رمضان والتباعد الاجتماعي

| عبدعلي الغسرة

أقبل‭ ‬علينا‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بعظمته‭ ‬وبركاته،‭ ‬وقد‭ ‬فرض‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أداء‭ ‬صومه‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬القادرين‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الثاني‭ ‬للهجرة‭ ‬الشريفة،‭ ‬وقد‭ ‬ميزه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬أشهر‭ ‬السنة‭ ‬بعدة‭ ‬خصائص،‭ ‬منها‭ ‬أداء‭ ‬العبادات‭ ‬الرمضانية‭ ‬في‭ ‬المساجد،‭ ‬وتنظيم‭ ‬اللقاءات‭ ‬والتجمعات‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬والأماكن‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬مقاهي‭ ‬ومنتزهات‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يختلف‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التمتع‭ ‬بهذه‭ ‬الخصائص،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”،‭ ‬فمن‭ ‬ضمن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬الدولة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبقاء‭ ‬في‭ ‬البيوت،‭ ‬وعدم‭ ‬أداء‭ ‬العبادات‭ ‬الرمضانية‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬وإقفال‭ ‬المقاهي‭ ‬والمنتزهات‭ ‬وعدم‭ ‬ارتياد‭ ‬المطاعم‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬بهدف‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الكوفيد‭ ‬ومنعًا‭ ‬لانتشاره‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬فما‭ ‬هو‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي؟

يُقصد‭ ‬بالتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬أو‭ ‬مساحة‭ ‬بين‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬منعًا‭ ‬لانتشار‭ ‬الكوفيد‭ ‬لتقليل‭ ‬الإصابة‭ ‬به،‭ ‬ويُقصد‭ ‬به‭ ‬أيضًا‭ ‬التباعد‭ ‬الجسدي،‭ ‬فلا‭ ‬تلامس‭ ‬أو‭ ‬تصافح‭ ‬باليد‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأشخاص‭ ‬مرضى،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والعاطفي‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والعائلة‭ ‬بوسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬المختلفة‭. ‬فمع‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬التواصل‭ ‬والاجتماع‭ ‬وفرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬للقاء‭ ‬الأهل‭ ‬والأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭ ‬خطَ‭ ‬لنا‭ ‬خطًا‭ ‬أحمر‭ ‬لمنع‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التواصل‭ ‬واللقاءات،‭ ‬لأن‭ ‬فيروس‭ ‬الكوفيد‭ ‬ينتقل‭ ‬بسهولة‭ ‬بين‭ ‬الأشخاص‭. ‬وجاء‭ ‬إعلان‭ ‬“خلك‭ ‬بالبيت”‭ ‬و”العمل‭ ‬والدراسة‭ ‬وإنجاز‭ ‬المعاملات‭ ‬عن‭ ‬بُعد”‭ ‬كإعلان‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الفيروس‭ ‬وحماية‭ ‬لجميع‭ ‬الأشخاص،‭ ‬فالتزامنا‭ ‬بالبيت‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الكوفيد،‭ ‬حمايةً‭ ‬لنا‭ ‬ولعائلتنا‭ ‬وأفراد‭ ‬مجتمعنا‭.‬

للتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمع،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬هو‭ ‬ذو‭ ‬قيمة‭ ‬إيجابية‭ ‬كُبرى،‭ ‬فإذا‭ ‬أُصيب‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬بالكوفيد‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ارتكب‭ ‬خطأ‭ ‬ولكن‭ ‬الخطأ‭ ‬هو‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه،‭ ‬والصحيح‭ ‬هو‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنه‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬لهذا‭ ‬جاءت‭ ‬أهمية‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لحماية‭ ‬أنفسنا‭ ‬أولا‭ ‬ولأجل‭ ‬العمل‭ ‬معًا‭ ‬لإيقاف‭ ‬فيروس‭ ‬الكوفيد‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬والقضاء‭ ‬عليه‭ ‬ثانيا،‭ ‬فلنبتعد‭ ‬اليوم‭ ‬لنلتقي‭ ‬غدًا‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬وعافية،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وجميعنا‭ ‬بخير‭.‬