سوالف

“جنازة الدراز”... عصيان الأوامر وموت الحس الوطني

| أسامة الماجد

في‭ ‬مشهد‭ ‬يذكرنا‭ ‬بعصيان‭ ‬الأوامر‭ ‬والعناد‭ ‬والاستهتار‭ ‬وموت‭ ‬الحس‭ ‬الوطني،‭ ‬انتشر‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬لعشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬خلال‭ ‬تشييع‭ ‬جنازة‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬الدراز،‭ ‬ضاربين‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬واتباع‭ ‬تدابير‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬الجميع،‭ ‬في‭ ‬تحد‭ ‬صارخ‭ ‬لقوانين‭ ‬الدولة‭ ‬والإخلال‭ ‬بميزان‭ ‬سلامة‭ ‬المجتمع،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬بتعطيل‭ ‬مراسم‭ ‬العزاء‭ ‬واستقبال‭ ‬التعازي‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فقط،‭ ‬لتجنب‭ ‬المخالطة‭ ‬واتباع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬الوقائية،‭ ‬يقوم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬وبتعمد‭ ‬بارتكاب‭ ‬أكبر‭ ‬خطيئة‭ ‬تضر‭ ‬بالناس‭ ‬والمجتمع‭ ‬وسلامته‭.‬

قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬فقط‭ ‬كتبت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬“أهم‭ ‬كلمة‭ ‬يتم‭ ‬تردديها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجتمعات‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬الالتزام‭ ‬لمحاربة‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا،‭ ‬والخروج‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الفرد‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬المجتمع‭ ‬بأكمله،‭ ‬وباجتهاده‭ ‬ستتحقق‭ ‬المعادلة‭. ‬إذا‭ ‬التزامنا‭ ‬سلاح‭ ‬فتاك‭ ‬في‭ ‬حربنا‭ ‬ضد‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬ونجاح‭ ‬أية‭ ‬خطة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الوباء‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لمدى‭ ‬التزام‭ ‬الأفراد‭ ‬بأدوارهم،‭ ‬مثل‭ ‬ممارسة‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولن‭ ‬تنجح‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬إمكانياتها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬المهمة‭ ‬بدون‭ ‬تعاون‭ ‬من‭ ‬الأفراد”‭. ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بوجود‭ ‬الآخرين‭ ‬واحترامهم‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬معايير‭ ‬السلوك‭ ‬الإنساني‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬المجتمعات‭.‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬المراثي‭ ‬ورياح‭ ‬الظلام‭.. ‬لماذا‭ ‬كسر‭ ‬هؤلاء‭ ‬القانون‭ ‬وتعمدوا‭ ‬الخروج‭ ‬في‭ ‬أعداد،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬الوباء‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أم‭ ‬ماذا؟‭ ‬هل‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تفرضه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬وتدابير‭ ‬وقائية‭. ‬السيارة‭ ‬يوقفها‭ ‬الضوء‭ ‬الأحمر،‭ ‬والمواطن‭ ‬يوقفه‭ ‬القانون‭ ‬واتباع‭ ‬التعليمات،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تفسير‭ ‬لهذا‭ ‬الخطأ‭ ‬والجرم‭ ‬إلا‭ ‬“بعصيان‭ ‬الأوامر”‭ ‬وطالما‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعرض‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬للخطر‭ ‬ويهدد‭ ‬حياتهم‭ ‬بنية‭ ‬مسبقة،‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬ضده،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطنين‭ ‬يقومون‭ ‬بجهد‭ ‬مضاعف‭ ‬لتجاوز‭ ‬أزمة‭ ‬الوباء،‭ ‬ثم‭ ‬تخرج‭ ‬مجموعة‭ ‬مستهترة‭ ‬بعمل‭ ‬غير‭ ‬مسؤول‭ ‬وضد‭ ‬المجتمع‭.‬