ستة على ستة

نجاح فضائي وفشل صحي!

| عطا السيد الشعراوي

عندما‭ ‬يكون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الفضاء‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والتقدم‭ ‬والتحضر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الإيجابية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتصور‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لإيران‭ ‬ذكر‭ ‬أو‭ ‬دور،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضعت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الاشمئزاز‭ ‬والنفور،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سلبي‭ ‬وخطير‭.‬

لذا،‭ ‬كان‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عسكري‭ ‬“نور”‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬بإحدى‭ ‬صحاري‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬425‭ ‬كلم،‭ ‬وأنه‭ ‬استقر‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬مداره‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬تجارب‭ ‬فاشلة،‭ ‬فيما‭ ‬اعتبره‭ ‬إنجازا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الفضائي‭ ‬للجمهورية‭ ‬الإسلامية‭.‬

هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬زعمته‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬بطموحات‭ ‬النظام‭ ‬وأنشطته‭ ‬العسكرية‭ ‬وأهوائه‭ ‬ورغباته‭ ‬في‭ ‬التهديد‭ ‬الدائم‭ ‬لأمن‭ ‬المنطقة‭ ‬واستقرارها،‭ ‬يقابله‭ ‬فشل‭ ‬ذريع‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬صحية‭ ‬تمس‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬بؤر‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وقبلها‭ ‬وبعدها‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬حياتية‭ ‬تتعلق‭ ‬بهذا‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬معظمه‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬الشديد‭ ‬لأنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬اهتمامات‭ ‬نظامه‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ترتيب‭ ‬بالأساس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاهتمامات‭.‬

ويؤكد‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬كذب‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬ادعائه‭ ‬أن‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأميركية‭ ‬سبب‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬حصدت‭ ‬أرواح‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬وتمنعها‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لعلاج‭ ‬المصابين‭ ‬بالفيروس‭ ‬وعدم‭ ‬توفير‭ ‬الإمدادات‭ ‬الطبية‭ ‬الحيوية‭ ‬والمعدات‭ ‬اللازمة‭.‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬اهتمام‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬منصب‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬تطوير‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬واكتمال‭ ‬برنامجه‭ ‬النووي،‭ ‬وأنه‭ ‬غير‭ ‬مستعد‭ ‬حتى‭ ‬لتأجيل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات‭ ‬لحين‭ ‬الانتهاء‭ ‬وتجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬المستعصية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬البلاد‭ ‬بفعل‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬ليست‭ ‬لخدمة‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬إنما‭ ‬لأجل‭ ‬ميلشيات‭ ‬إرهابية‭ ‬ونزعات‭ ‬استعمارية‭ ‬وتوسعية‭ ‬مترسخة‭ ‬في‭ ‬أركان‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يزيد‭ ‬الفجوة‭ ‬المتسعة‭ ‬أصلا‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والنظام‭.‬