الحب الواعي في زمن الكورونا

| د. ندى أحمد الحساوي

تداول‭ ‬الشعراء‭ ‬والأدباء‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬وحكاياته‭ ‬وأغنياته،‭ ‬ثم‭ ‬اكتشفت‭ ‬البشرية‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الكتّاب‭ ‬نسوا‭ ‬حب‭ ‬النفس‭ ‬والبشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬يشكّل‭ ‬العدو‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم،‭ ‬فظهرت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬موجة‭ ‬مدرّبي‭ ‬تطوير‭ ‬الذات،‭ ‬ليقدّموا‭ ‬ما‭ ‬يعالج‭ ‬نمط‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬والعلاقات‭ ‬والحياة‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬أي‭ ‬بالحب‭ ‬ولكن‭ ‬برؤية‭ ‬جديدة،‭ ‬وبين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬ما‭ ‬حقيقة‭ ‬الحب‭ ‬الذي‭ ‬تناوله‭ ‬هؤلاء؟

علميا،‭ ‬الإنسان‭ ‬يحب‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬عندما‭ ‬يحب‭ ‬حياته،‭ ‬وحياته‭ ‬تعني‭ ‬ذاته،‭ ‬وحب‭ ‬الإنسان‭ ‬ذاته‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬إبداعاته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يمارس‭ ‬ما‭ ‬يحب‭ ‬ويعشق،‭ ‬لأنه‭ ‬بهذه‭ ‬الممارسة‭ ‬يحيى‭ ‬بين‭ ‬التحدّي‭ ‬والإنجاز،‭ ‬فيكون‭ ‬هناك‭ ‬قبول‭ ‬للتحدي‭ ‬وامتلاء‭ ‬بالإنجاز،‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬إفراز‭ ‬لهرمون‭ ‬الإبينفرين‭ ‬للتنبيه‭ ‬والاستثارة‭ ‬في‭ ‬التحدي‭ ‬والتنافس‭ ‬الداخلي،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬ينفرز‭ ‬الدوبامين‭ ‬في‭ ‬مساره‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬على‭ ‬مراكز‭ ‬المتعة‭ ‬الفكرية،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬مرتبط‭ ‬بالإلهام‭ ‬الداخلي‭ ‬للإنسان‭.‬

في‭ ‬ممارسة‭ ‬الحب‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬القيمة‭ ‬العليا‭ ‬الضمنية،‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬توازن‭ ‬منطلق‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الإنسان،‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬الإنسان‭ ‬رسالته‭ ‬ودوره‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فمن‭ ‬منطلق‭ ‬الحب‭ ‬الواعي‭ ‬للذات‭ ‬يحب‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬بوعي،‭ ‬ويكون‭ ‬هناك‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحب‭. ‬الآن‭ ‬ونحن‭ ‬عاكفون‭ ‬في‭ ‬بيوتنا،‭ ‬توجد‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لنكتشف‭ ‬حبنا‭ ‬الحقيقي‭ ‬وندرك‭ ‬ذواتنا،‭ ‬ونبدأ‭ ‬وضع‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للوصول‭ ‬لهدف‭ ‬واضح‭ ‬بممارسته‭. ‬هنا‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬تحدّث‭ ‬بالحب‭ ‬لنسأله،‭ ‬هل‭ ‬حققت‭ ‬إبداعا‭ ‬وابتكارا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تمارسه‭ ‬من‭ ‬عمل؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬في‭ ‬توازن‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الانفعال‭ ‬والتوتر‭ ‬والقلق؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬مستدامة؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬في‭ ‬شباب‭ ‬متجدد‭ ‬وجسد‭ ‬حر‭ ‬الحركة‭ ‬وعضلات‭ ‬تحتفل‭ ‬بميلاد‭ ‬الأفكار‭ ‬الجديدة‭ ‬باستمرار؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬سعيد‭ ‬بما‭ ‬تقدم‭ ‬لنفسك‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬صالح؟‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الإجابة‭ ‬بنعم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فأنت‭ ‬إذا‭ ‬تمارس‭ ‬القيمة‭ ‬العليا‭ ‬الذاتية‭ ‬وبتفكير‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬اتساق‭ ‬القلب‭ ‬والدماغ،‭ ‬أي‭ ‬الفؤاد‭ ‬والعقل،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للحب‭ ‬الذي‭ ‬عناه‭ ‬السابقون‭ ‬فهو‭ ‬التعلّق‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬هو‭ ‬مشاعر‭ ‬داعمة‭ ‬للبقاء‭ ‬الجسدي‭ ‬وليس‭ ‬الحياة‭ ‬الباعثة‭ ‬على‭ ‬المشاعر‭ ‬السامية‭ ‬بالحب‭ ‬الموصلة‭ ‬إلى‭ ‬الخلاص‭ ‬والنعيم،‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الروحانية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الحب‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬الجميع،‭ ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬تكون‭ ‬عابدا‭ ‬لله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬لأنه‭ ‬الخالق‭ ‬للكون،‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬الذات‭.‬