سوالف

“روايات” الشر وبريق الإغراء واليد الفاسدة

| أسامة الماجد

البناء‭ ‬المتين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬الصلد،‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬قوة‭ ‬وجمالا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬نزيده‭ ‬نحتا‭ ‬وصقلا،‭ ‬فلماذا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الانحلال‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬الفن‭ ‬للفن،‭ ‬ولماذا‭ ‬تكون‭ ‬إثارة‭ ‬الغرائز‭ ‬فنا،‭ ‬بل‭ ‬لماذا‭ ‬يكون‭ ‬وصف‭ ‬مأساة‭ ‬فرد‭ ‬عملا‭ ‬فنيا،‭ ‬أو‭ ‬مأساة‭ ‬أسرة،‭ ‬ويمتنع‭ ‬عن‭ ‬الفن‭ ‬وصف‭ ‬أمة‭ ‬بأسرها‭.‬‭ ‬قضية‭ ‬الفن‭ ‬قضية‭ ‬أداء‭ ‬واجب،‭ ‬قضية‭ ‬إبداع،‭ ‬ونظرية‭ ‬الفن‭ ‬للفن،‭ ‬إذا‭ ‬استثمرت‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬حقيقتها،‭ ‬فكرة‭ ‬هدامة،‭ ‬فكرة‭ ‬تدعو‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬إلى‭ ‬الانحلال‭ ‬الخلقي،‭ ‬فالانحطاط‭ ‬الإنساني‭.‬

أقول‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬لأن‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬والخليجية‭ ‬تحديدا‭ ‬أصبحت‭ ‬تعج‭ ‬بالروايات‭ ‬والقصص‭ ‬السخيفة‭ ‬الباهتة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنبض‭ ‬بالأفكار،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬ثقافة‭ ‬مسمومة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬بلبلة‭ ‬أفكار‭ ‬القارئ‭ ‬ودغدغة‭ ‬وإثارة‭ ‬غرائزه،‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬بتطبيق‭ ‬نظرية‭ ‬الفن‭ ‬للفن‭ ‬والربح‭ ‬هو‭ ‬المطلوب،‭ ‬ووقوعهم‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬جسيم‭ ‬وهو‭ ‬خطأ‭ ‬الفهم‭ ‬لحقيقتهم‭ ‬وحقيقة‭ ‬وظيفتهم،‭ ‬وخطأ‭ ‬سوء‭ ‬الفهم‭ ‬لحقيقة‭ ‬الأدب‭ ‬وما‭ ‬يقوم‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬عناصر،‭ ‬وهم‭ ‬بهذه‭ ‬“اللخبطة‭ ‬والعشوائية”‭ ‬يساهمون‭ ‬في‭ ‬تلويث‭ ‬عقول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والناشئة‭ ‬التي‭ ‬تقبل‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الروايات‭ ‬التافهة،‭ ‬وليس‭ ‬أعنف‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬والقلب‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬طابور‭ ‬طويل‭ ‬عريض‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين‭ ‬أمام‭ ‬إحدى‭ ‬تلك‭ ‬الدور‭ ‬التي‭ ‬تطبع‭ ‬رواياتهم‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬الكتب‭ ‬الخليجية،‭ ‬فالمشهد‭ ‬أشبه‭ ‬بلهيب‭ ‬الشر‭ ‬وبريق‭ ‬الإغراء‭. ‬سكينة‭ ‬مسمومة‭ ‬تمتد‭ ‬إليهم‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬لتبعدهم‭ ‬عن‭ ‬الأيدي‭ ‬النقية‭ ‬التي‭ ‬تحميهم،‭ ‬وأعني‭ ‬بالأيدي‭ ‬النقية‭ ‬الكتاب‭ ‬والأدباء‭ ‬الخليجيين‭ ‬والعرب‭ ‬أصحاب‭ ‬التاريخ‭ ‬والمؤلفات‭ ‬الخالدة‭ ‬التي‭ ‬تنير‭ ‬العقول‭ ‬وتهذب‭ ‬النفس‭ ‬ولأدبهم‭ ‬وكتاباتهم‭ ‬فوائد‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬المقام‭ ‬للإفاضة‭ ‬فيها‭.‬

في‭ ‬تصوري‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بطباعة‭ ‬ونشر‭ ‬تلك‭ ‬الروايات‭ ‬والقصص‭ ‬الهابطة،‭ ‬تشبه‭ ‬القوى‭ ‬الشريرة‭ ‬واليد‭ ‬الفاسدة‭ ‬المتخلفة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬والكلمة‭ ‬الجميلة،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬دقوا‭ ‬نواقيس‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬كتاباتهم‭ ‬وآخرهم‭ ‬أستاذي‭ ‬الأديب‭ ‬والكاتب‭ ‬والروائي‭ ‬أحمد‭ ‬جمعة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستوعب‭ ‬فداحة‭ ‬الأمر‭.‬