التجارة الخارجية عبر الاعتمادات المستندية

| د. عبدالقادر ورسمه

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأثر‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الدولية‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري‭ ‬العالمي‭ ‬مستمر‭ ‬بسبب‭ ‬الدور‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬البنوك‭ ‬عبر‭ ‬إصدار‭ ‬وتغطية‭ ‬ودعم‭ ‬خطابات‭ ‬الاعتماد‭ ‬المستندية‭. ‬كل‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬بنوك‭ ‬البحرين،‭ ‬تقوم‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬الهام‭ ‬يوميا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭.‬

ما‭ ‬يميز‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬ومنذ‭ ‬بدايته،‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬“عن‭ ‬بعد”‭ ‬وأطراف‭ ‬العلاقة‭ ‬التجارية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬وأيضا‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬التقوا‭ ‬أو‭ ‬اجتمعوا‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التباعد‭ ‬وعدم‭ ‬اللقاءات‭ ‬المباشرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬موجودة‭ ‬وتبرم‭ ‬الصفقات‭ ‬وترسل‭ ‬البضائع‭ ‬وتدفع‭ ‬التكاليف‭ ‬والنفقات‭ ‬عبر‭ ‬البنوك‭ ‬التجارية‭ ‬وعن‭ ‬بعد‭ ‬أيضا‭.‬

قانونيّا،‭ ‬ووفق‭ ‬الممارسات‭ ‬المصرفية‭ ‬السليمة،‭ ‬فان‭ ‬تعابير‭ ‬“الاعتمادات‭ ‬المستندية”‭ ‬و”الاعتمادات”،‭ ‬أينما‭ ‬وردت‭ ‬تعني‭ ‬كل‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الترتيبات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬البنك‭ ‬فاتح‭ ‬الاعتماد،‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬شكلها‭ ‬أو‭ ‬نوعها،‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الزبون‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬توجيهاته‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالدفع‭ ‬الى‭ ‬شخص‭ ‬ثالث‭ ‬هو‭ ‬المستفيد‭ ‬أو‭ ‬لأمره‭ ‬أو‭ ‬بأن‭ ‬يدفع‭ ‬أو‭ ‬يقبل‭ ‬أو‭ ‬يشتري‭ ‬حوالات‭ ‬وسحوبات‭ ‬خارجية‭ ‬مسحوبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستفيد،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يخول‭ ‬بنكا‭ ‬آخر‭ ‬بالدفع‭ ‬أو‭ ‬بقبول‭ ‬السحوبات‭ ‬أو‭ ‬شراؤها‭ ‬أو‭ ‬دفعها،‭ ‬وذلك‭ ‬مقابل‭ ‬مستندات‭ ‬معينة‭ ‬يشترط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مطابقة‭ ‬لنصوص‭ ‬الاعتماد‭ ‬وشروطه‭. ‬هذه‭ ‬الاعتمادات،‭ ‬بطبيعتها‭ ‬تعتبر‭ ‬عمليات‭ ‬تجارية‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬البيع‭ ‬أو‭ ‬العقود‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستند‭ ‬عليها‭. ‬ولا‭ ‬تعتبر‭ ‬البنوك‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بهذه‭ ‬العقود‭ ‬أو‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭. ‬وأيضا،‭ ‬يشترط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تفاصيل‭ ‬الاعتماد‭ ‬والاعتمادات‭ ‬نفسها‭ ‬كاملة‭ ‬ودقيقة‭. ‬

الاعتمادات‭ ‬المشار‭ ‬لها،‭ ‬تكون‭ ‬قابلة‭ ‬للنقض‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للنقض‭. ‬ولهذا،‭ ‬يجب‭ ‬النص‭ ‬صراحة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الاعتمادات‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬قابلة‭ ‬للنقض‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للنقض‭. ‬واذا‭ ‬لم‭ ‬يتوفر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬يعتبر‭ ‬الاعتماد‭ ‬قابلا‭ ‬للنقض‭. ‬ودور‭ ‬البنوك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬المصرفية،‭ ‬هام‭ ‬جدا‭ ‬ويجب‭ ‬الحرص‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأوقات‭ ‬على‭ ‬الممارسات‭ ‬الفنية‭ ‬السليمة‭. ‬ومنها،‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬فحص‭ ‬كافة‭ ‬الوثائق‭ ‬بعناية‭ ‬معقولة‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬مطابقة‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬لشروط‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الاعتماد‭. ‬ولهذا‭ ‬الأمر‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬لأنه‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬عمليات‭ ‬الاعتمادات‭ ‬المستندية‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬الاطراف‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالمستندات‭ ‬فقط‭ ‬وليس‭ ‬بالبضائع‭. ‬ولهذا‭ ‬سميت‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬“الاعتمادات‭ ‬المستندية”،‭ ‬لأن‭ ‬التعامل‭ ‬يتم‭ ‬وفق‭ ‬المستندات‭ ‬فقط‭. ‬وأهمية‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬أن‭ ‬البنك‭ ‬اذا‭ ‬وجد‭ - ‬عند‭ ‬استلامه‭ ‬للمستندات‭ - ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬غير‭ ‬مطابقة‭ ‬ظاهريا‭ ‬مع‭ ‬شروط‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الاعتماد‭ ‬فعليه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬أن‭ ‬يقرر‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المستندات‭ ‬وحدها‭ ‬ما‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬سيعترض‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأداء‭ ‬أو‭ ‬القبول‭ ‬أو‭ ‬الشراء‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬وفقا‭ ‬لشروط‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الاعتماد‭.‬

كما‭ ‬بينا،‭ ‬أن‭ ‬للبنوك‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومفصليا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬الداعم‭ ‬للتجارة‭ ‬الدولية‭ ‬وعبره‭ ‬تتم‭ ‬الصفقات‭ ‬وتأتي‭ ‬البضائع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فج‭ ‬عميق‭. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬“عن‭ ‬بعد”‭ ‬ودون‭ ‬لقاءات‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭.‬