شواهد

الشياطين في “الحجر”!

| سعيد محمد

معلوم‭ ‬أن‭ ‬الشياطين‭ ‬والأباليس‭ ‬والمردة‭ ‬“مصفدون”‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬وبذلك‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنهم‭ ‬في‭ ‬“حجر”‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬الذي‭ ‬فضل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬على‭ ‬سائر‭ ‬الشهور،‭ ‬ومن‭ ‬عجائب‭ ‬صنع‭ ‬الله،‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬“تصفيد”‭ ‬الشياطين‭ ‬والبشر‭.. ‬الإنس‭ ‬والجن‭.. ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.. ‬فالكل‭ ‬في‭ ‬المحجر‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬والمنة‭.. ‬نعم‭ ‬هي‭ ‬نعمة‭ ‬تستحق‭ ‬الحمد‭.. ‬كيف؟

أقول‭ ‬لكم‭ ‬كيف‭.. ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬آمنا‭ ‬بأن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬صفد‭ ‬الشياطين‭ ‬لكي‭ ‬يتقوى‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬صيامه‭ ‬بالتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬ويكتسب‭ ‬جرعة‭ ‬إيمانية‭ ‬أقوى،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬نحجر‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬بيوتنا‭ ‬ولا‭ ‬نخرج‭ ‬إلا‭ ‬للضرورة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬توقف‭ ‬مظاهر‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬العبادية‭ ‬كصلاة‭ ‬التراويح‭ ‬والمجالس‭ ‬القرآنية‭ ‬في‭ ‬الجوامع‭ ‬والمساجد‭ ‬والمآتم،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ومنها‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬والأنشطة‭ ‬الفعاليات،‭ ‬وهذه‭ ‬فرصة‭ ‬أيضًا‭ ‬للجميع‭ ‬ليزداد‭ ‬التلاحم‭ ‬الأسري‭ ‬الذي‭ - ‬ونقولها‭ ‬بصراحة‭ - ‬تشير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أنه‭ ‬تأثر‭ ‬كثيرًا‭ ‬واضمحل‭ ‬لدى‭ ‬فئة‭ ‬وتفتت‭ ‬لدى‭ ‬فئة‭ ‬أخرى‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬التقاء‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬بيتها‭ ‬مقيدًا‭ ‬ومصفدًا‭ ‬بالجوالات‭ ‬والأجهزة‭ ‬اللوحية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تصفد،‭ ‬ليس‭ ‬لكل‭ ‬الوقت،‭ ‬ولكن‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬الثمين‭ ‬مع‭ ‬الأسرة‭.‬

المخيف‭ ‬من‭ ‬الشياطين‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭ ‬هم‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يكترثون‭ ‬بالاشتراطات،‭ ‬منهم‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬العرب،‭ ‬ومنهم‭ ‬أيضًا‭ ‬فئة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجاليات‭.. ‬ولا‭ ‬ندري،‭ ‬هل‭ ‬سيصفدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬وأمام‭ ‬ما‭ ‬حققت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬إجراءات،‭ ‬نضع‭ ‬نصب‭ ‬أعيننا‭ ‬أن‭ ‬بلادنا‭ ‬الصغيرة،‭ ‬تفوقت‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تشابهها‭ ‬في‭ ‬المساحة‭ ‬الجغرافية‭ ‬وتعداد‭ ‬السكان‭ ‬وفي‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬والطبيعية،‭ ‬لتتقدم‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬ريادة‭ ‬في‭ ‬محاصرة‭ ‬الفيروس‭ ‬وفق‭ ‬آليات‭ ‬منجزة‭ ‬وحازمة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬جدًا‭ ‬ومؤثرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭: ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ ‬وغيرها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحاسمة‭ ‬والحازمة،‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬اختبار‭ ‬كبير‭ ‬واستراتيجي‭ ‬لمعرفة‭ ‬قوة‭ ‬بلادنا‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وحكمة‭ ‬قيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬المرحلة‭.. ‬لقد‭ ‬قدم‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬والفريق‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وفريق‭ ‬البحرين‭ ‬بما‭ ‬يضم‭ ‬من‭ ‬وزارات‭ ‬وأجهزة،‭ ‬قدم‭ ‬الجميع‭ ‬قصة‭ ‬إصرار‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم،‭ ‬هل‭ ‬نجحنا؟‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬نعم،‭ ‬وهل‭ ‬سيستمر‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المجهول‭ ‬المعتم؟‭ ‬نعم،‭ ‬يمكننا‭ ‬ذلك،‭ ‬وبصعوبة،‭ ‬إن‭ ‬أدرك‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولية‭ ‬حماية‭ ‬وطن‭ ‬بأكمله‭.. ‬لنبتسم‭ ‬قليلًا‭: ‬“عاد‭ ‬تعال‭ ‬فهم‭ ‬الوافدين‭.. ‬من‭ ‬جديه‭ ‬الخيزرانة‭ ‬للحين‭ ‬شغالة‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬وبنغلاديش”،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فلا‭ ‬مكان‭ ‬للخيزرانة،‭ ‬بل‭ ‬قمة‭ ‬احترام‭ ‬قيمة‭ ‬الإنسان‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬كريمًا‭ ‬معززًا‭ ‬مصانًا‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬والأوبئة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬تطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬بصرامة‭ ‬دون‭ ‬شك‭.‬