عنفوان

ولاة الأمر في السعودية عزوتنا

| جاسم اليوسف

لم‭ ‬تمض‭ ‬سوى‭ ‬سويعات‭ ‬تعد‭ ‬على‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬من‭ ‬الرسالة‭ ‬الصوتية‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬يوسف‭ ‬من‭ ‬سكنة‭ ‬قرية‭ ‬المالكية،‭ ‬ناشد‭ ‬فيها‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بإيجاد‭ ‬مسكن‭ ‬مؤقت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إغلاق‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬كإجراء‭ ‬احترازي‭ ‬لمواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬حتى‭ ‬تفضل‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬توجيهاته‭ ‬الكريمة‭ ‬بحل‭ ‬مشكلته‭ ‬على‭ ‬الفور‭.‬

الفزعة‭ ‬السعودية‭ ‬للضيف‭ ‬ليست‭ ‬مستغربة‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬هناك،‭ ‬فبمجرد‭ ‬انتشار‭ ‬الرسالة‭ ‬الصوتية‭ ‬هب‭ ‬أهل‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية،‭ ‬مكان‭ ‬وجود‭ ‬يوسف‭ ‬المؤقت‭ ‬لظروف‭ ‬خاصة،‭ ‬هبة‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬وغرق‭ ‬هاتفه‭ ‬بسيل‭ ‬من‭ ‬المكالمات‭ ‬التي‭ ‬تفيض‭ ‬منها‭ ‬مشاعر‭ ‬الخجل‭ ‬لمكارم‭ ‬الضيافة‭ ‬الحاتمية‭ ‬لأهل‭ ‬السعودية‭ ‬“حياك‭ ‬عندنا‭ ‬يا‭ ‬اخوي‭. ‬أنت‭ ‬بين‭ ‬أهلك‭ ‬وربعك”‭.‬

المواطن‭ ‬الملكاوي‭ ‬ارتقت‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬مستويات‭ ‬السعادة‭ ‬لديه‭ ‬عندما‭ ‬أتى‭ ‬إليه‭ ‬وكيل‭ ‬إمارة‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرقية‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬حرفيا‭ ‬“آتيت‭ ‬لك‭ ‬مفوضا‭ ‬من‭ ‬سيدي‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬مناشدتك‭ ‬اليهما،‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تسوية‭ ‬جميع‭ ‬الأمور‭ ‬لحين‭ ‬عودتك‭ ‬إلى‭ ‬بلادك‭ ‬سالما”‭.‬

لم‭ ‬يستطع‭ ‬يوسف‭ ‬ان‭ ‬يكتم‭ ‬دموع‭ ‬احتضان‭ ‬همومه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولاة‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬السعودية،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يرضيهم‭ ‬أبدًا‭ ‬ان‭ ‬يضام‭ ‬ضيف‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬والضيف‭ ‬هو‭ ‬ابن‭ ‬عمومتهم‭ ‬البحريني‭.‬

والحق‭ ‬أن‭ ‬لقصة‭ ‬يوسف‭ ‬واخوته‭ ‬السعوديين‭ ‬عبرة‭ ‬مفادها‭ ‬أننا‭ ‬كخليجيين‭ ‬وعرب‭ ‬لن‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يرفع‭ ‬عنا‭ ‬اشتداد‭ ‬الضيم‭ ‬والقهر‭ ‬في‭ ‬ديار‭ ‬الغربة،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬طينتنا‭ ‬وطباعنا‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬وعرقنا‭ ‬المشترك‭ ‬الضارب‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬فعاش‭ ‬الوطن‭ ‬وعاشت‭ ‬عزوتنا‭ ‬السعودية‭.‬​