مُلتقطات

جامعة البحرين.. “خُرُوقات” مُؤرقَة!

| د. جاسم المحاري

يتبوأ‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬مكانة‭ ‬متقدمة‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬اهتمام‭ ‬الحكومات‭ ‬وإيمانها‭ ‬بانعكاساته‭ ‬المؤثرة‭ ‬وتداعياته‭ ‬المُنتجة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ومخرجات‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والارتقاء‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬أفضل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬أرقى‭ ‬الممارسات‭ ‬وتوظيفها‭ ‬وفقا‭ ‬للظروف‭ ‬والاحتياجات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭. ‬فيما‭ ‬تُظهر‭ ‬قضية‭ ‬“تّسرب‭ ‬الطلبة”‭ ‬Dropout‭ ‬من‭ ‬صفوف‭ ‬الدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬سنّي‭ ‬دراستهم‭ ‬الجامعية‭ ‬الأولى،‭ ‬التّحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يواجهه‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬التدخل‭ (‬العاجل‭) ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الجامعات‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬بعد‭ ‬إقرارها‭ ‬بحجم‭ ‬المشكلة‭ ‬إجرائياً،‭ ‬واستحداث‭ ‬الخطط‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬“الضبط‭ ‬والمنع”‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬“ظاهرة”‭ ‬بعد‭ ‬انخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬المشاركة‭ ‬الطلابية‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التسرب‭ ‬التي‭ ‬أظهرتها‭ ‬طبيعة‭ ‬الأسباب،‭ ‬والحلول‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬تلك‭ ‬الإدارات‭ ‬للحدّ‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬وإضعاف‭ ‬البنى‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وتعطيل‭ ‬المشاركات‭ ‬المنتجة‭.‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي،‭ ‬كشف‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬2018‭-‬2019م‭ ‬حول‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬والخروقات‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬الجامعة‭ ‬التي‭ ‬خَلُصَتْ‭ ‬إلى‭ ‬أوجه‭ ‬الضعف‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بعمليات‭ ‬الجامعة‭. ‬ففي‭ ‬أقلّها‭ ‬وَطأة‭ ‬تكرار‭ ‬حالات‭ ‬الاستثناء‭ ‬لاشتراطات‭ ‬القبول‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الدراسة‭ ‬والامتحانات،‭ ‬وتجاوز‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬قِبَالَ‭ ‬سياسة‭ ‬القبول‭ ‬السنوية‭ ‬وفق‭ ‬التخصصات‭ ‬والمعدل‭ ‬التنافسي،‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الرقابة‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬الإيرادات،‭ ‬وافتقاد‭ ‬المنهجية‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬الإعفاء‭ ‬والحرمان،‭ ‬فيما‭ ‬أشدّها‭ ‬وَقْعَاً‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬المتسربين‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬إلى‭ (‬7300‭) ‬طالب‭ ‬بنسبة‭ ‬20‭ % ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭!‬

نافلة‭:‬

“البحرين”‭ ‬قدّمت‭ ‬لنا‭ ‬الكثير‭ ‬ومازالت،‭ ‬وأقلّ‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬نحو‭ ‬“بحرين‭ ‬الخير‭ ‬والعطاء”‭ ‬الإقرار‭ ‬بوجود‭ ‬الأخطاء‭ ‬والاعتراف‭ ‬بفوضى‭ ‬الأداء‭ ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬على‭ ‬المعنيين‭ ‬كلٌ‭ ‬في‭ ‬موقعه‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬تصحيح‭ ‬الأخطاء‭ ‬وسدّ‭ ‬الثغرات‭ ‬ومحاصرة‭ ‬القصور‭ ‬ومنهجية‭ ‬الأداء‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭! ‬فحصرا‭ ‬لا‭ ‬مثالاً‭ ‬ما‭ ‬أورده‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬الأخير‭ ‬حول‭ ‬جامعتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬مخالفة‭ ‬المادة‭ (‬13‭) ‬من‭ ‬لائحتها‭ ‬الداخلية‭ ‬بعد‭ ‬إعفائها‭ (‬241‭) ‬طالباً‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬الدراسية،‭ ‬وإنهاك‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ (‬8‭) ‬ملايين‭ ‬دينار‭ ‬لدراسة‭ ‬الأجانب،‭ ‬وصولاً‭ ‬لإهدار‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ (‬12‭) ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬تسرّب‭ ‬طلابها‭... ‬إلخ‭. ‬ذلك‭ ‬حرّيٌ‭ ‬بالمعنيين‭ ‬فيها‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬“خارطة”‭ ‬التّصدي‭ ‬الجادّ‭ ‬لهذه‭ ‬الخروقات‭ ‬–‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التّسرب‭ ‬الكبيرة‭ ‬–‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬مؤرقة‭ ‬لكاهل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬وتجنّب‭ ‬المقارنات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬التّسرب؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬تصنيفها‭ ‬عبر‭ ‬تفعيل‭ ‬“مكاتب‭ ‬النجاح‭ ‬الجامعي”‭ ‬التي‭ ‬طبّقتها‭ ‬مثيلاتها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تركيزها‭ ‬على‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬الثانوي‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬“جوهر”‭ ‬أعمالها‭.‬