تفاءلوا بالخير في شهر الخير

| عبدعلي الغسرة

أهلا‭ ‬وسهلا‭ ‬بشهر‭ ‬الخير‭ ‬والبركة،‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم،‭ ‬فشهر‭ ‬رمضان‭ ‬عبادة‭ ‬للرب‭ ‬وتجارة‭ ‬للعبد،‭ ‬يكسب‭ ‬الإنسان‭ ‬منه‭ ‬الثواب‭ ‬والأجر،‭ ‬أجر‭ ‬معنوي‭ ‬ومادي،‭ ‬ويتم‭ ‬التهيؤ‭ ‬له‭ ‬بالزينات‭ ‬وشراء‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬من‭ ‬احتياجات،‭ ‬وبصدق‭ ‬الإرادة‭ ‬والعزيمة‭ ‬لتعظيم‭ ‬شعائر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭.‬

نستقبل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وقد‭ ‬ابتلي‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبه‭ ‬ببلاء‭ ‬الكورونا‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وأجلس‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬بيوتهم،‭ ‬وأقفل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمعامل،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬مؤشر‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬تصاعد‭ ‬بدون‭ ‬توقف‭ ‬متحديًا‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الصحة‭ ‬وتقنياتها،‭ ‬وكيف‭ ‬يقضي‭ ‬المسلمون‭ ‬أوقاتهم‭ ‬العبادية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬وقد‭ ‬أفتى‭ ‬المشايخ‭ ‬والمفتون‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالتزام‭ ‬أداء‭ ‬الفرائض‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬وذلك‭ ‬احترازًا‭ ‬من‭ ‬عدوى‭ ‬كورونا،‭ ‬ولن‭ ‬يختلف‭ ‬أداء‭ ‬الفريضة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المسجد،‭ ‬فالأهم‭ ‬هو‭ ‬قبول‭ ‬هذه‭ ‬الفرائض‭ ‬أداء‭ ‬وتوجها،‭ ‬لا‭ ‬شكلًا‭ ‬ومكانًا‭. ‬إن‭ ‬ظروف‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تختلف‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة،‭ ‬والفرائض‭ ‬ليست‭ ‬أداء‭ ‬وتوجها‭ ‬فقط،‭ ‬فلها‭ ‬معان‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬القائم‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬منها‭ ‬ويسمو‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهدافها‭.‬

إن‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬نفحة‭ ‬من‭ ‬الجَلال‭ ‬القُدسي‭ ‬وقَبَس‭ ‬من‭ ‬الجمال‭ ‬الإلهي‭ ‬على‭ ‬المسلم‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬إلى‭ ‬درجته،‭ ‬ويستشعر‭ ‬لذائذ‭ ‬حِس‭ ‬الصيام،‭ ‬ففي‭ ‬الصيام‭ ‬مُثل‭ ‬نبيلة‭ ‬رفيعة،‭ ‬والصيام‭ ‬توجه‭ ‬تربوي‭ ‬يُنير‭ ‬طريق‭ ‬الإنسان‭ ‬واحترام‭ ‬ما‭ ‬خُلق‭ ‬لأجله،‭ ‬ويجعله‭ ‬كائنا‭ ‬ذا‭ ‬أدبٍ‭ ‬كريم‭ ‬وخُلقٍ‭ ‬رحيم،‭ ‬ويعصمه‭ ‬من‭ ‬الزلل‭ ‬ويقيه‭ ‬من‭ ‬الخطأ،‭ ‬والصيام‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬إمساك‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والشهوة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مدرسة‭ ‬ودروس‭ ‬قيَّمة‭ ‬مليئة‭ ‬بالحِكم‭ ‬والعظات،‭ ‬وامتحان‭ ‬للقلب‭ ‬والبدن‭ ‬والمال،‭ ‬ففيه‭ ‬يتساوى‭ ‬الغني‭ ‬والفقير‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الصيام‭ ‬والإفطار،‭ ‬وهو‭ ‬منهج‭ ‬لتعاضد‭ ‬الغني‭ ‬مع‭ ‬الفقير‭ ‬ورعاية‭ ‬المحتاجين‭ ‬ومواساة‭ ‬العاجزين،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأثرة‭ ‬والأنانية‭.‬

وقد‭ ‬جعل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الصيام‭ ‬علاجًا‭ ‬للأمراض‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان،‭ ‬ولن‭ ‬يستطيع‭ ‬الكوفيد‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬إشراق‭ ‬نور‭ ‬رمضان‭ ‬علينا،‭ ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬رمضان‭ ‬يَعصمنا‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬فكذلك‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يُبعد‭ ‬عنا‭ ‬العدوى‭ ‬ويجعلنا‭ ‬سالمين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الداء،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬نجعل‭ ‬الكوفيد‭ ‬يبعدنا‭ ‬عن‭ ‬الصفاء‭ ‬الروحي‭ ‬وسمو‭ ‬النقاء‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فتفاءلوا‭ ‬بالخير‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الخير،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وجمعينا‭ ‬بخير‭.‬