من جديد

في وداع الدكتور عوض هاشم

| د. سمر الأبيوكي

غادرنا‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬الحق‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفاضل‭ ‬والمربي‭ ‬العظيم‭ ‬الدكتور‭ ‬عوض‭ ‬هاشم،‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬قسم‭ ‬الإعلام‭ ‬والسياحة‭ ‬والفنون‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬ومسؤول‭ ‬مسار‭ ‬الإذاعة‭ ‬والتلفزيون‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬أستاذي‭ ‬ومعلمي‭ ‬الذي‭ ‬تدربت‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬وتتلمذت‭ ‬كما‭ ‬بقية‭ ‬أبناء‭ ‬جيلي‭ ‬والأجيال‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬بعدي،‭ ‬جاء‭ ‬فراقه‭ ‬صادما‭ ‬ومباغتا‭ ‬كعادة‭ ‬الفقد‭ ‬دوما‭ ‬دون‭ ‬وداع‭ ‬أو‭ ‬سلام،‭ ‬والأمر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تحتم‭ ‬علينا‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬السلامة‭ ‬وعدم‭ ‬فتح‭ ‬مجالس‭ ‬العزاء،‭ ‬فكان‭ ‬نواحي‭ ‬باردا‭ ‬وحيدا‭ ‬متقطعا‭ ‬عاجزا‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يغادرنا‭ ‬فيها‭ ‬عزيز‭ ‬على‭ ‬قلوبنا،‭ ‬ولا‭ ‬أعز‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المربي‭ ‬الجليل‭ ‬من‭ ‬وجدنا‭ ‬في‭ ‬أخلاقه‭ ‬وتعاملاته‭ ‬آية‭ ‬تعجز‭ ‬الكلمات‭ ‬عن‭ ‬وصفها‭.‬

أستاذي‭ ‬الفاضل‭ ‬اسمح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أهديك‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬القلب،‭ ‬فأنت‭ ‬من‭ ‬علمتني‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬القلب‭ ‬يصل‭ ‬دون‭ ‬حواجز‭ ‬إلى‭ ‬القلب،‭ ‬أستاذي‭ ‬الفاضل‭ ‬يا‭ ‬صاحب‭ ‬الصوت‭ ‬الجميل‭ ‬والخلق‭ ‬الحميد‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الحق‭ ‬عند‭ ‬بارئك‭ ‬في‭ ‬نعيم‭ ‬وقد‭ ‬كنت‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬طفولتنا‭ ‬وشبابنا‭ ‬وارتبطت‭ ‬طلتك‭ ‬البهية‭ ‬بجمعتنا‭ ‬المباركة،‭ ‬“عسى‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬فيك‭ ‬لتعليمنا‭ ‬وتثقيفنا‭ ‬وتنويرنا‭ ‬حسنة‭ ‬وصدقة‭ ‬علم‭ ‬في‭ ‬صفحتك”‭.‬

كم‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ترتيب‭ ‬كلماتي‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام،‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬وأنا‭ ‬أستشعر‭ ‬قراءتك‭ ‬كلماتي‭ ‬هذه،‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬كيف‭! ‬إنما‭ ‬مازلت‭ ‬أشعر‭ ‬بهيبة‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬حضرة‭ ‬المعلم،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تنيبني‭ ‬فيها‭ ‬لشرح‭ ‬بعض‭ ‬المقررات‭ ‬التي‭ ‬عكفتم‭ ‬على‭ ‬ابتكارها‭ ‬وكتابة‭ ‬مؤلفاتها‭ ‬وتثني‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فأزداد‭ ‬عطاء‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬عطائك‭ ‬لنا،‭ ‬أو‭ ‬تطلب‭ ‬مني‭ ‬اجتماعا‭ ‬طارئا‭ ‬لمناقشة‭ ‬أسئلة‭ ‬الامتحان‭ ‬النهائي‭ ‬فأخجل‭ ‬وأعتذر‭ ‬فلا‭ ‬مكان‭ ‬للتعديل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قدمتموه‭ ‬معلمي‭.‬

معلمي‭ ‬فقدناك‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬رمضان‭ ‬ولا‭ ‬أعز‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬علينا،‭ ‬أراد‭ ‬المولى‭ ‬أن‭ ‬نذكرك‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬صيامنا‭ ‬ودعائنا‭ ‬وفطرنا‭ ‬وإمساكنا،‭ ‬وإن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬إنك‭ ‬لحاضر‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دعوة‭ ‬نسري‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬نجهر،‭ ‬ربط‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬أهلك‭ ‬ومحبيك‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أزداد‭ ‬يقينا‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬زائلة‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬يحفر‭ ‬الفقد‭ ‬في‭ ‬فؤادي‭ ‬شرخا،‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أستطيع‭ ‬مداراة‭ ‬آلامي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الفقد‭ ‬لا‭ ‬يداوى،‭ ‬رحمك‭ ‬الله‭ ‬أستاذي‭ ‬الفاضل‭ ‬ومعلمي‭ ‬المخلص‭ ‬ووالدنا‭ ‬جميعا‭ ‬الدكتور‭ ‬عوض‭ ‬هاشم،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراك‭ ‬وعطر‭ ‬ذكراك‭ ‬وجعلك‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الدرجات‭ ‬العلا‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬مع‭ ‬النبيين‭ ‬والشهداء‭ ‬والصديقين‭.‬