كورونا والرئيس

| د. عبدالله الحواج

هو‭ ‬الظرف‭ ‬الصعب،‭ ‬وهي‭ ‬جائحة‭ ‬التكاتف،‭ ‬هي‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشترى،‭ ‬لكنها‭ ‬تحفر‭ ‬في‭ ‬الضمير‭ ‬خصالها،‭ ‬وفي‭ ‬المصير‭ ‬أبعادها،‭ ‬وفي‭ ‬الكبير‭ ‬وجهات‭ ‬نظرها‭.‬

إنه‭ ‬الأكبر‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬السياسية،‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬رسائله،‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬مواقفه،‭ ‬وخليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬وسموه‭ ‬يتعاطى‭ ‬بالحداثة‭ ‬نفسها‭ ‬عندما‭ ‬أطل‭ ‬بقيادته‭ ‬الحكيمة‭ ‬على‭ ‬ربوع‭ ‬بلادنا‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬مضت‭.‬

ما‭ ‬أشبه‭ ‬البارحة‭ ‬بالبارحة،‭ ‬والليلة‭ ‬بالليلة‭ ‬المفرحة،‭ ‬عندما‭ ‬خرج‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬بتوجيهه‭ ‬السامي‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬ليهدئ‭ ‬من‭ ‬روع‭ ‬المواطن،‭ ‬وليعلنها‭ ‬صراحة‭: ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬معك،‭ ‬لن‭ ‬تتركك‭ ‬عالقًا،‭ ‬ولن‭ ‬تتهاون‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬مأزوم،‭ ‬ولن‭ ‬تتغاضى‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬شركة‭ ‬حاصرتها‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مفصل‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬اتجاه‭.‬

المثلث‭ ‬المتكامل‭ ‬للقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬العاهل‭ ‬المفدى‭ ‬بحرصه‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬نصابها‭ ‬الصحيح،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بخبرة‭ ‬السنين‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬معاناة‭ ‬الناس‭ ‬الطيبين،‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬الفائقة‭ ‬المتجددة‭ ‬عند‭ ‬قيادة‭ ‬فريق‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬لكورونا‭ ‬وغير‭ ‬كورونا‭ ‬،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭ ‬جعل‭ ‬المنظومة‭ ‬الإدارية‭ ‬للدولة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬للتناغم‭ ‬والتفاهم؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬غد‭ ‬أفضل‭ ‬للبحرينيين‭ ‬وعالم‭ ‬أجمل‭ ‬للوطن،‭ ‬وتصدٍّ‭ ‬أشمل‭ ‬لفيروس‭ ‬أو‭ ‬وباء‭ ‬أو‭ ‬جائحة‭ ‬لا‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬كوننا‭ ‬المعلق‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬إلا‭ ‬كل‭ ‬قرون‭. ‬ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬وصل‭ ‬ذروته‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬عصر‭ ‬هذا‭ ‬المثلث‭ ‬الذهبي‭ ‬العبقري‭ ‬التواق،‭ ‬نلجا‭ ‬إليه‭ ‬فلا‭ ‬يخذلنا،‭ ‬نتعب‭ ‬من‭ ‬مشاوير‭ ‬الحياة‭ ‬المتغيرة‭ ‬وغضبات‭ ‬الطبيعة‭ ‬المتكررة،‭ ‬فلا‭ ‬نجد‭ ‬غير‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬والحنو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬وكل‭ ‬مقيم‭.‬

الوضع‭ ‬يعرفه‭ ‬القاصي‭ ‬قبل‭ ‬الداني،‭ ‬بلدان‭ ‬تفرش‭ ‬الأرض‭ ‬رملًا‭ ‬للجيوش‭ ‬البيضاء،‭ ‬وأمم‭ ‬تتصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كمامة‭ ‬أو‭ ‬بضعة‭ ‬كمامات،‭ ‬وسفن‭ ‬تواجه‭ ‬الأمرين‭ ‬في‭ ‬بحار‭ ‬ومحيطات‭ ‬غاضبة‭ ‬كي‭ ‬تصل‭ ‬بالسلامة‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬المريضة،‭ ‬وإلى‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الهائلة‭.‬

النفط‭ ‬يهوي،‭ ‬والشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬تطلب‭ ‬الاستغاثة،‭ ‬ومشاريع‭ ‬الإنقاذ‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬أفواه‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬لمح‭ ‬البصر،‭ ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فإننا‭ ‬نحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أن‭ ‬قادتنا‭ ‬الحكماء‭ ‬قرأوا‭ ‬الملف‭ ‬جيدًا،‭ ‬بادروا‭ ‬بإصدار‭ ‬حزمة‭ ‬إجراءات،‭ ‬وأسسوا‭ ‬مراكز‭ ‬للسيولة‭ ‬والدعم‭ ‬وتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وعلى‭ ‬المواطن‭.‬

لا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬الدعم‭ ‬لمستحقيه،‭ ‬ولا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الدفعات‭ ‬المقررة‭ ‬زمنيًا‭ ‬ومكانيًا،‭ ‬وكلما‭ ‬لاحت‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬شياطين‭ ‬الجائحة‭ ‬الخرساء‭.‬

خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الصفوف‭ ‬كعادته،‭ ‬يعقد‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬ويترأسه‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬وعلى‭ ‬شبكات‭ ‬“التراحم”‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تصفق‭ ‬له‭ ‬الأمة،‭ ‬تهدئ‭ ‬من‭ ‬روع‭ ‬نفسها‭ ‬ومن‭ ‬روع‭ ‬المتعاطين‭ ‬مع‭ ‬المنظومة،‭ ‬تضيف‭ ‬للمضاف‭ ‬إليه،‭ ‬وتخصم‭ ‬من‭ ‬الفائض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يتوازن‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وأن‭ ‬يعم‭ ‬الخير‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬وأن‭ ‬ينأى‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬بنفسه‭ ‬وسط‭ ‬سفينة‭ ‬التيارات‭ ‬المتأرجحة‭ ‬كورونيًا‭ ‬وطبيًّا‭ ‬وعبر‭ ‬الأثير‭.‬

الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬الحديدية‭ ‬إجراءات‭ ‬الثمانينات‭ ‬والتسعينات‭ ‬عندما‭ ‬انهارت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬حينها‭ ‬قام‭ ‬بتمديد‭ ‬آجال‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬غير‭ ‬الضرورية،‭ ‬“البرنامج‭ ‬الرباعي‭ ‬إلى‭ ‬سداسي”‭ ‬من‭ ‬السنوات،‭ ‬استحدث‭ ‬آليات‭ ‬جديدة‭ ‬لتعميق‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتشتيت‭ ‬الركود‭ ‬المتملك‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات،‭ ‬وتوحيد‭ ‬الصف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬جميعًا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭.‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نشهد‭ ‬المبادرة‭ ‬تلي‭ ‬الأخرى،‭ ‬والموقف‭ ‬بعد‭ ‬الآخر،‭ ‬والتوجيه‭ ‬وهو‭ ‬يلاحق‭ ‬توجيهات‭ ‬الدولة‭ ‬بحلوها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وتجاربها‭ ‬المباركة‭ ‬المتلاحقة‭.‬

كنا‭ ‬على‭ ‬المحك‭ ‬ومازلنا،‭ ‬وكنا‭ ‬على‭ ‬الدرب‭ ‬سائرين‭ ‬يدًا‭ ‬بيد،‭ ‬وكتفًا‭ ‬بكتف‭ ‬ومازلنا،‭ ‬وكان‭ ‬ومازال‭ ‬سموه‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بمثابة‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬يحنو‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬يربت‭ ‬على‭ ‬الأكتاف،‭ ‬يشد‭ ‬من‭ ‬الأزر،‭ ‬يخرج‭ ‬في‭ ‬توجيهه‭ ‬السامي‭ ‬الحكيم،‭ ‬وفي‭ ‬طلته‭ ‬البهية‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬وزرائه‭ ‬التليد،‭ ‬وفي‭ ‬قراراته‭ ‬الاستباقية‭ ‬لرأب‭ ‬الأصداع،‭ ‬وترتيب‭ ‬الأوضاع،‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬النماء‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬كورونا‭ ‬جائحة‭ ‬مؤقتة‭ ‬أو‭ ‬مستدامة،‭ ‬جامحة‭ ‬أو‭ ‬كاسحة‭ ‬أو‭ ‬طويلة‭ ‬الإقامة،‭ ‬فإنها‭ ‬بلاشك‭ ‬زائلة،‭ ‬هي‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬زائلة‭.‬