ومضة قلم

احذروا وباء الشائعات

| محمد المحفوظ

بداية‭ ‬نسجل‭ ‬امتناننا‭ ‬وفخرنا‭ ‬بالكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬والتمريضية‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬جهودا‭ ‬استثنائية‭ ‬وخارقة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬سلامة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬ويقف‭ ‬وراءهم‭ ‬فريق‭ ‬البحرين‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬وزارات‭ ‬الدولة‭ ‬كالداخلية‭ ‬والدفاع‭ ‬والصحة‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬المواقع‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبالطبع‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬البحرين‭ ‬الذين‭ ‬أعلنوا‭ ‬استعدادهم‭ ‬لبذل‭ ‬عطائهم‭ ‬لسلامة‭ ‬الوطن‭ ‬والتصدي‭ ‬للجائحة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬إمكانيات،‭ ‬وهذا‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الفرح،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الوطني‭ ‬والحضاري‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربا،‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬الجميع‭ ‬يستذكر‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬صور‭ ‬التلاحم‭ ‬بين‭ ‬مواطني‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬بل‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭. ‬

إنّ‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬دهشتنا‭ ‬وغبطتنا‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬التزام‭ ‬وتقيد‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بالإرشادات‭ ‬والتعليمات‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحال‭ ‬والتجمعات،‭ ‬فمن‭ ‬النادر‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬تلحظ‭ ‬أحدا‭ ‬لم‭ ‬يرتد‭ ‬الكمامات‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬السوبر‭ ‬ماركت‭ ‬والمجمعات‭ ‬التجارية،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬شمل‭ ‬محبي‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬مظهر‭ ‬حضاري‭ ‬قلّ‭ ‬نظيره‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى،‭ ‬ولعل‭ ‬الدلالة‭ ‬التي‭ ‬يرمز‭ ‬إليها‭ ‬أنّ‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬يتمتع‭ ‬بالروح‭ ‬الوطنية‭ ‬العالية‭ ‬وحبّه‭ ‬للأرض،‭ ‬ثم‭ ‬إنّ‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬يعكس‭ ‬وعيا‭ ‬عاليا‭ ‬وحرصا‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬سلامة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات‭.‬

 

غير‭ ‬أنّ‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اليقظة‭ ‬والحذر‭ ‬هو‭ ‬ظاهرة‭ ‬باتت‭ ‬تثير‭ ‬القلق‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الانسياق‭ ‬خلف‭ ‬الشائعات‭ ‬التي‭ ‬مصدرها‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يبث‭ ‬من‭ ‬فيديوهات‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مصدرها‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬والخشية‭ ‬هنا‭ ‬أنها‭ ‬تنتشر‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭. ‬والمفزع‭ ‬أنّها‭ ‬تعد‭ ‬للكثيرين‭ ‬حقائق‭ ‬أكيدة‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الشك،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬لدى‭ ‬الكبار‭ ‬المناعة‭ ‬من‭ ‬مبالغات‭ ‬باعثة‭ ‬على‭ ‬الهواجس‭ ‬والقلق‭ ‬فإنّها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأطفال‭ ‬بالغة‭ ‬الخطورة،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬تلازمهم‭ ‬المشاهد‭ ‬المرعبة‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬وتشكل‭ ‬بالتالي‭ ‬عقدا‭ ‬نفسية‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الأبعد‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬وهنا‭ ‬مكمن‭ ‬الخطورة،‭ ‬فالذي‭ ‬نتمناه‭ ‬ونحن‭ ‬نمر‭ ‬بهذه‭ ‬الجائحة‭ ‬استقاء‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬الرسمية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬مشكورة‭ ‬على‭ ‬انتهاج‭ ‬الشفافية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬تفشي‭ ‬الوباء‭.‬