زبدة القول

قطر والجزيرة وكورونا

| د. بثينة خليفة قاسم

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بجهد‭ ‬متميز‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬ونجاحها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬باستثناء‭ ‬الأماكن‭ ‬ذات‭ ‬الظروف‭ ‬الخاصة‭ ‬مثل‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬كعادتها‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وخصوصا‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬الرباعي‭ ‬العربي‭ ‬البحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬ومصر‭ ‬والإمارات‭.‬

لكن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬تتحدث‭ ‬فيه‭ ‬الدنيا‭ ‬حديث‭ ‬العلم‭ ‬والإنسانية‭ ‬والرحمة،‭ ‬قطر‭ ‬هي‭ ‬قطر‭ ‬والجزيرة‭ ‬هي‭ ‬الجزيرة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬نقيصة‭ ‬عربية،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬استعدادا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أكثر‭ ‬غنى‭ ‬وأكثر‭ ‬تقدما،‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬تخترع‭ ‬الجزيرة‭ ‬نقيصة‭ ‬تتحدث‭ ‬عنها،‭ ‬فوجدناها‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬موضوعا‭ ‬للنقد‭ ‬والتسفيه‭ ‬وعكست‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الحوثي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬قد‭ ‬اتخذت‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الرحمة‭ ‬والإنسانية‭ ‬ولكي‭ ‬يتمكن‭ ‬اليمنيون‭ ‬من‭ ‬مكافحة‭ ‬تفشي‭ ‬الفيروس،‭ ‬وراحت‭ ‬الجزيرة‭ ‬تفسح‭ ‬المجال‭ ‬لمن‭ ‬ينددون‭ ‬بالقرار‭.‬

وخلال‭ ‬تقييم‭ ‬الجزيرة‭ ‬خطة‭ ‬مصر‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الفيروس‭ ‬لم‭ ‬تلجأ‭ ‬لأي‭ ‬طبيب‭ ‬ولم‭ ‬تلجأ‭ ‬حتى‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ولكنها‭ ‬استضافت‭ ‬لذلك‭ ‬أحد‭ ‬اللاجئين‭ ‬المصريين‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬التابعين‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية،‭ ‬لكي‭ ‬يقيم‭ ‬الوضع‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬مقيما‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬التي‭ ‬أنهكها‭ ‬الفيروس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭.‬

الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬للسخرية‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬مذيعوا‭ ‬الجزيرة‭ ‬يدبجون‭ ‬الجمل‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كانت‭ ‬قناة‭ ‬ألمانية‭ ‬تذيع‭ ‬فيلما‭ ‬تم‭ ‬التقاطه‭ ‬سرا‭ ‬لعمال‭ ‬أجانب‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬موبوءة‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬التي‭ ‬تنتقد‭ ‬غيرها‭ ‬بالباطل‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬عكس‭ ‬الأوضاع‭ ‬المزرية‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬ويعيش‭ ‬وينام‭ ‬فيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬العمال‭ ‬بمثابة‭ ‬أكبر‭ ‬فضيحة‭ ‬لنظام‭ ‬الحمدين‭ ‬الذي‭ ‬يخترع‭ ‬المواقف‭ ‬والقصص‭ ‬الكاذبة‭ ‬لكي‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬غيره‭. ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬للجزيرة‭ ‬أن‭ ‬تذيع‭ ‬فيلما‭ ‬كهذا‭ ‬الذي‭ ‬أذاعته‭ ‬القناة‭ ‬الألمانية‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تذيع‭ ‬كلام‭ ‬الحوثيين‭ ‬والإرهابيين؟‭.‬