ما وراء الحقيقة

كورونا إعلامية

| د. طارق آل شيخان الشمري

منذ‭ ‬أن‭ ‬ضربت‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬والكل‭ ‬تفاعل‭ ‬معها‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬مجاله‭ ‬وتخصصه،‭ ‬فمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬بدأت،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬متأخرة‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬بالتحذير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬الخطير‭ ‬وسبل‭ ‬الوقاية‭ ‬منه،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تعقد‭ ‬المؤتمرات‭ ‬اليومية‭ ‬للتعليق‭ ‬وإصدار‭ ‬البيانات‭ ‬المحدثة‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬كذلك‭ ‬السلطات‭ ‬الصحية‭ ‬بكل‭ ‬البلدان،‭ ‬قامت‭ ‬بتشكيل‭ ‬خلايا‭ ‬أزمة‭ ‬لمحاصرة‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المصابين‭ ‬ومعالجتهم،‭ ‬ووزارات‭ ‬الخارجية‭ ‬خصوصا‭ ‬بالدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬بدأت‭ ‬بإجلاء‭ ‬مواطنيها‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬حرصا‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تبعدهم‭ ‬عن‭ ‬بؤر‭ ‬المرض،‭ ‬وحتى‭ ‬تضمن‭ ‬سلامتهم‭ ‬داخل‭ ‬بلدانهم،‭ ‬كذلك‭ ‬قامت‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬بتطبيق‭ ‬الحظر‭ ‬وإغلاق‭ ‬أماكن‭ ‬التجمعات‭ ‬حرصا‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تفشي‭ ‬المرض‭.‬

وكان‭ ‬للإعلام‭ ‬بكل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬كل‭ ‬تطورات‭ ‬المرض،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحالات‭ ‬المصابة‭ ‬والمتوفاة،‭ ‬واللقاءات‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الصحيين‭ ‬والأطباء،‭ ‬لتقديم‭ ‬صور‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬للمشاهدين‭ ‬والمتابعين،‭ ‬وكان‭ ‬جل‭ ‬اهتمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬هذه‭ ‬وتركيزها،‭ ‬منصبا‭ ‬على‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المرض،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬اعتبارات‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬آيديولوجية،‭ ‬فالمرض‭ ‬حصد‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفريق‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬ودين‭ ‬وجنس‭ ‬ومعتنقي‭ ‬آيديولوجيات‭.‬

لكن‭ ‬إعلام‭ ‬التحالف‭ ‬الشعوبي‭ (‬الصفوي‭- ‬العثماني‭ ‬المدعوم‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭)‬،‭ ‬لاحظ‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬استخدامنا‭ ‬مصطلح‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬وليس‭ ‬شعب‭ ‬قطر،‭ ‬حيث‭ ‬نؤكد‭ ‬رفضنا‭ ‬السياسة‭ ‬القطرية‭ ‬وليس‭ ‬لأهلنا‭ ‬“شعب‭ ‬قطر”،‭ ‬فهذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الشعوبي‭ ‬وخصوصا‭ ‬قنوات‭ ‬“الجزيرة”‭ ‬و”العالم”‭ ‬و”ترك‭ ‬تي‭ ‬في”،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الوكالة‭ ‬الرسمية،‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬مازال‭ ‬يشعر‭ ‬بأن‭ ‬معركته‭ ‬لإسقاط‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬بأيدي‭ ‬الصفويين‭ ‬والعثمانيين‭ ‬وسياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬مستمرة،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬إلا‭ ‬بتحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬الشعوبي‭. ‬فالأخبار‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الحالات‭ ‬المصابة‭ ‬والمتوفاة‭ ‬بدول‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬الرباعي،‭ ‬والتقارير‭ ‬المليئة‭ ‬بالعبارات‭ ‬الكاذبة‭ ‬والمشككة‭ ‬بجودة‭ ‬التطبيقات‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬محاصرة‭ ‬كورونا‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬يومية،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهل‭ ‬الأعداد‭ ‬المخيفة‭ ‬التي‭ ‬تصاب‭ ‬بها‭ ‬دول‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الشعوبي‭ ‬الثلاثي،‭ ‬وهنا‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬متحضر‭ ‬إنساني‭ ‬يتوحد‭ ‬ضد‭ ‬كورونا،‭ ‬وبين‭ ‬شرذمة‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬كورونا‭ ‬ضد‭ ‬العروبة‭ ‬والإسلام‭ ‬والإنسانية‭.‬