كنوز من الخبرة

| زهير توفيقي

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬الجميع‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الوباء،‭ ‬راودتني‭ ‬فكرة‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الخبرات‭ ‬الإدارية‭ ‬والفنية‭ ‬والمالية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التخصصات‭ ‬المتراكمة‭ ‬المتوفرة‭ ‬لدى‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬المتقاعدين‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬كنوزا‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والخبرات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن،‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬للاستفادة‭ ‬منها‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬يمتلك‭ ‬العلم‭ ‬والفطنة‭ ‬والذكاء‭ ‬اللامحدود،‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬مطلوب‭ ‬ومهم‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يفتقدونه‭ ‬هو‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬مثل‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬لذا‭ ‬أرى‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الجمعيات‭ ‬المهنية‭ ‬المتخصصة‭ ‬بتنظيم‭ ‬دورات‭ ‬ومحاضرات‭ ‬مكثفة‭ ‬مجانية‭ ‬لهم‭ ‬ودعوة‭ ‬الطلبة‭ ‬الجامعيين،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الجامعات‭ ‬المحلية‭. ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الجمعيات‭ ‬تقوم‭ ‬بذلك‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ضيق‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬لضمان‭ ‬حضور‭ ‬أفضل،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬نصيحتي‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬ضرورة‭ ‬كسب‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭ ‬بأسرع‭ ‬وقت،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الخبرة،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬المتقاعدون‭ ‬مثالا‭.‬

توصلت‭ ‬إلى‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬بأن‭ ‬القائد‭ ‬الملهم‭ ‬لأية‭ ‬مؤسسة‭ ‬يختلف‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬ثقافته‭ ‬وتربيته‭ ‬ودراسته‭ ‬وبيئته‭ ‬وشخصيته‭ ‬ومؤهلاته،‭ ‬ولكل‭ ‬هؤلاء‭ ‬أسلوبه‭ ‬وطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬يتبعون‭ ‬مدارس‭ ‬مختلفة‭.‬

أعجبني‭ ‬الأسلوب‭ ‬المتبع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬“جيبك”‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬قسم‭ ‬التدريب‭ ‬بمخاطبة‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬والجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬الأخرى‭ ‬بهدف‭ ‬ترشيح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬طلبتها‭ ‬لحضور‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬والدورات‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬مشاركة‭ ‬عدد‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الخارجية‭ ‬وتتكفل‭ ‬بتحمل‭ ‬جميع‭ ‬التكاليف‭.‬

بصراحة‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬الثناء‭ ‬والتقدير،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬بدأتها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬واستفاد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وتعتبر‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬الطلبة‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬آنفًا‭ ‬ينقصهم‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الإدارة‭ ‬والمالية‭ ‬والتقنية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التخصصات‭ ‬التي‭ ‬يدرسونها‭ ‬في‭ ‬جامعاتهم‭. ‬إذا‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬تجربة‭ ‬متميزة‭ ‬وناجحة‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬وأود‭ ‬أن‭ ‬أشيد‭ ‬برئيس‭ ‬الشركة‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬جواهري،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬صاحب‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬الخلاقة‭ ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نغفلها‭ ‬ولنكون‭ ‬منصفين‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬راجيًا‭ ‬أن‭ ‬تعمم‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الكبيرة‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬المجتمعية‭ ‬ولنسهم‭ ‬جميعًا‭ ‬في‭ ‬تهيئة‭ ‬الطلبة‭ ‬ودعمهم‭ ‬قبيل‭ ‬التحاقهم‭ ‬بمواقع‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة‭.‬