أرقام تصنع البحرين: التعليم في البحرين.. مئة عام وعام

| د. حسين المهدي

تفتخر‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬بمواردها‭ ‬البشرية،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬المورد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬عملية‭ ‬اقتصادية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أربعة‭ ‬موارد‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية،‭ ‬فهناك‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والتنظيمية‭ ‬والرأسمالية‭ ‬أو‭ ‬المالية،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬وهو‭ ‬الأحدث،‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭.‬

وفي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وقبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬عام،‭ ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬منهجي،‭ ‬انطلقت‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬المؤسسين‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المحرق،‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والوجهاء‭ ‬يتقدمهم‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الأهلية‭ ‬لتأسيس‭ ‬مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬للبنين،‭ ‬حيث‭ ‬رصدت‭ ‬الحكومة‭ ‬آنذاك‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬رأسمال‭ ‬المدرسة،‭ ‬وعاضدها‭ ‬الوجهاء‭ ‬والأهالي‭ ‬بباقي‭ ‬المبالغ‭ ‬لإنشائها،‭ ‬والتي‭ ‬رأت‭ ‬النور،‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1919م،‭ ‬كأول‭ ‬كيان‭ ‬تعليمي‭ ‬نظامي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ومنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المحاولات‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭. ‬بعدها‭ ‬بقرابة‭ ‬سبعة‭ ‬أعوام‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانية‭ ‬للبنين‭ ‬في‭ ‬المنامة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1937،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نحو‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬ثماني‭ ‬مدارس‭ ‬بنين،‭ ‬ثلاث‭ ‬مدارس‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬والمحرق‭ ‬وخمس‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬قرى‭ ‬البحرين‭.‬

ثم‭ ‬بعد‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬للبنين،‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬مدرسة‭ ‬خديجة‭ ‬الكبرى‭ ‬للبنات‭ ‬بالمحرق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1928م،‭ ‬وبعد‭ ‬أعوام‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬والمنظم،‭ ‬قاربت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬مدارس‭ ‬البنات‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬البحرين‭ ‬13‭ ‬مدرسة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬1956،‭ ‬وكانت‭ ‬تضم‭ ‬نحو‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬تلميذة‭ ‬و135‭ ‬معلمة،‭ ‬منهن‭ ‬94‭ ‬خريجة‭ ‬من‭ ‬مدارس‭ ‬البحرين‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬ارتفع‭ ‬إجمالي‭ ‬المدارس‭ ‬إلى‭ ‬خمسين‭ ‬مدرسة،‭ ‬منها‭ ‬34‭ ‬للبنين،‭ ‬و16‭ ‬للبنات،‭ ‬ثم‭ ‬ازداد‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬مدرسة‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬إلى‭ ‬155‭ ‬مدرسة،‭ ‬منها‭ ‬81‭ ‬مدرسة‭ ‬للذكور،‭ ‬و74‭ ‬مدرسة‭ ‬للإناث،‭ ‬ووصل‭ ‬مجموع‭ ‬الطلاب‭ ‬إلى‭ ‬96‭ ‬ألفاً‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1990م،‭ ‬تساوى‭ ‬فيها‭ ‬نصيب‭ ‬الطلبة‭ ‬والطالبات،‭ ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬المئة‭ ‬عام،‭ ‬بلغ‭ ‬مجموع‭ ‬الطلاب‭ ‬234‭ ‬ألفاً،‭ ‬شكل‭ ‬الملتحقون‭ ‬منهم‭ ‬بالمدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬145‭ ‬ألفاً،‭ ‬و89‭ ‬ألفاً‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة،‭ ‬في‭ ‬265‭ ‬مدرسة‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬البحرين،‭ ‬كانت‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي،‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ريادتها‭ ‬في‭ ‬تخريج‭ ‬الكفاءات‭ ‬والكوادر‭ ‬المتخصصة‭ ‬والمميزة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية،‭ ‬والصناعية‭ ‬والتجارية‭ ‬والطبية‭ ‬والإدارية‭ ‬والمصرفية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة،‭ ‬هذه‭ ‬الريادة‭ ‬أنتجت‭ ‬حماساً‭ ‬مستمرا‭ ‬ووعياً‭ ‬راسخاً‭ ‬بالأهمية‭ ‬الماسة‭ ‬لمواكبة‭ ‬تطورات‭ ‬مسيرة‭ ‬التعلم،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬شباب‭ ‬البحرين‭ ‬يلفت‭ ‬النظر‭ ‬ويستحوذ‭ ‬على‭ ‬إعجاب‭ ‬الجميع‭ ‬بوهج‭ ‬طموحه‭ ‬وشدة‭ ‬تمسكه‭ ‬بفرص‭ ‬التعلم‭ ‬المتاحة‭.‬