ستة على ستة

كورونا ودور المراكز البحثية

| عطا السيد الشعراوي

بات‭ ‬الجميع‭ ‬مقتنعًا‭ ‬بأن‭ ‬أزمة‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬بأنحاء‭ ‬العالم‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬ما‭ ‬سيجعل‭ ‬الدول‭ ‬تعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬أولوياتها‭ ‬بعد‭ ‬انقشاع‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬ستدفع‭ ‬الشعوب‭ ‬الواعية‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬لجهات‭ ‬وفئات‭ ‬تستحق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬والدور‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬مستقبل‭ ‬الدولة‭.‬

وتأتي‭ ‬المراكز‭ ‬البحثية‭ ‬ضمن‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬ثبت‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬ديكورًا‭ ‬أو‭ ‬إضافة‭ ‬هامشية،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬ركن‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬المجتمع،‭ ‬فقد‭ ‬بادر‭ ‬مركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة‭ ‬“دراسات”‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬بدراسة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬ومدى‭ ‬التزامه‭ ‬وردود‭ ‬أفعاله‭ ‬تجاه‭ ‬مواجهة‭ ‬كارثة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬لتكون‭ ‬وثيقة‭ ‬ومرجعًا‭ ‬لتلك‭ ‬المرحلة‭ ‬المهمة‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬وإدارتها‭ ‬وتجاوزها‭. ‬

وفي‭ ‬مصر،‭ ‬كان‭ ‬لمركز‭ ‬الحوار‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬دور‭ ‬نوعي‭ ‬إذ‭ ‬قام‭ ‬بإصدار‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ (‬كورونا‭... ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬التداعيات‭: ‬تحولات‭ ‬عالمية‭-  ‬تأثيرات‭ ‬إقليمية‭ - ‬تغيرات‭ ‬داخلية‭)‬،‭ ‬وشاركت‭ ‬فيه‭ ‬نخبة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬والشؤون‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لاستجلاء‭ ‬تداعيات‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬وما‭ ‬يواجهها‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬مستقبلية‭.‬

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬الكتاب‭ ‬بالرصد‭ ‬والسرد‭ ‬لتطورات‭ ‬الأزمة‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬إنما‭ ‬وضع‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المختلفة‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬الساحتين‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬كالاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬أجمع‭ ‬الكثيرون‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬القطاع‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭ ‬من‭ ‬الأزمة،‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬القادم‭ ‬واحتمالية‭ ‬تغير‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية،‭ ‬والعولمة‭ ‬ومصيرها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمة،‭ ‬ودور‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والبحوث‭ ‬العلمية‭ ‬والتعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للتحديات‭ ‬القائمة‭.‬

مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬وغيرها‭ ‬تؤكد‭ ‬دور‭ ‬مراكز‭ ‬البحوث‭ ‬والفكر‭ ‬والدراسات‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬الأزمات‭ ‬وتشريحها‭ ‬ودراسة‭ ‬أبعادها‭ ‬وجوانبها‭ ‬المختلفة،‭ ‬والمساعدة‭ ‬على‭ ‬الاستبصار‭ ‬برؤى‭ ‬علمية‭ ‬وأفكار‭ ‬عملية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المسؤوليات‭.‬