طلاسم وأسرار الوباء

| رضي السماك

ثلاثة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأحداث‭ ‬الأميركية‭ ‬المهمة‭ ‬تركت‭ ‬وراءها‭ ‬ظلالاً‭ ‬كثيفة‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬حول‭ ‬المتسبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬فيها،‭ ‬وفجرت‭ ‬بقوة‭ ‬“نظرية‭ ‬المؤامرة”‭ ‬بخلاف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معلن‭ ‬رسمياً‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭: ‬الحدث‭ ‬الأول‭ ‬مقتل‭ ‬الرئيس‭ ‬جون‭ ‬كيندي‭ ‬1963،‭ ‬والثاني‭ ‬مقتل‭ ‬شقيقه‭ ‬روبرت‭ ‬كيندي‭ ‬مرشح‭ ‬الرئاسة‭ ‬1968،‭ ‬والثالث‭ ‬ما‭ ‬عُرف‭ ‬بـ‭ ‬“أحداث‭ ‬سبتمبر‭ ‬2011”،‭ ‬ونحن‭ ‬الآن‭ ‬شهود‭ ‬على‭ ‬حدث‭ ‬تاريخي‭ ‬رابع‭ (‬فيروس‭ ‬كورونا‭)‬،‭ ‬فتيل‭ ‬اشتعاله‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬ليتمدد‭ ‬سريعاً‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ومازالت‭ ‬المعارك‭ ‬السياسية‭ ‬حول‭ ‬تداعياته‭ ‬مشتعلة‭ ‬وشديدة‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬مسببةً‭ ‬فوضى‭ ‬إعلامية‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬الحدث‭ ‬الثالث،‭ ‬وبلبلة‭ ‬ضبابية‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الناس‭ ‬العادية‭ ‬والمثقفة‭ ‬على‭ ‬السواء‭.‬

آية‭ ‬ذلك‭ ‬هذا‭ ‬التضارب‭ ‬الحاد،‭ ‬شبه‭ ‬اليومي،‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬حول‭ ‬اتهام‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الوباء‭ ‬وتداعياته،‭ ‬بدءاً‭ ‬بالاتهام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومروراً‭ ‬بالسباق‭ ‬المحموم‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬واحتكار‭ ‬لقاح‭ ‬أو‭ ‬علاج‭ ‬ناجع،‭ ‬وقد‭ ‬لحقت‭ ‬بها‭ ‬دول‭ ‬عربية‭! ‬بينما‭ ‬البشرية‭ ‬تسمع‭ ‬جعجعة‭ ‬بلا‭ ‬طحين؛‭ ‬فتضارب‭ ‬الإيضاحات‭ ‬الطبية‭ ‬حول‭ ‬جدوى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬الوقاية،‭ ‬وليس‭ ‬انتهاء‭ ‬بتبادل‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬أرقام‭ ‬الوفيات‭ ‬والإصابات‭ ‬المعلنة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلد‭.‬

الصين‭ ‬التي‭ ‬اتهمت‭ ‬واشنطن‭ ‬بصوت‭ ‬خفيض‭ ‬بزرع‭ ‬الوباء‭ ‬في‭ ‬“ووهان”‭ ‬لم‭ ‬تصعّد‭ ‬إعلامياً‭ ‬معها؛‭ ‬لاعتبارات‭ ‬تبدو‭ ‬تكتيكية،‭ ‬لكن‭ ‬أصواتاً‭ ‬أميركية‭ ‬تعالت‭ ‬بتوجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬بلادها،‭ ‬لعل‭ ‬أقواها‭ ‬ما‭ ‬سطّره‭ ‬المفكر‭ ‬تشومسكي،‭ ‬والمؤكد‭ ‬أن‭ ‬“طلاسم”‭ ‬وأسرار‭ ‬الوباء‭ ‬لن‭ ‬تُعرف‭ ‬كاملةً‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬زواله‭ ‬عن‭ ‬العالم‭.‬