أرقام تصنع البحرين... كورونا وإدارة التحديات

| د. حسين المهدي

وأنا‭ ‬أكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬سمعت‭ ‬خبر‭ ‬وفاة‭ ‬أخي‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬جبريل،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬الشقيقة،‭ ‬حيث‭ ‬التقيته‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬ضمن‭ ‬مؤتمر‭ ‬عن‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والتدريب‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ووفاته‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬إصابته‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يهدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬ودوله‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولم‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬رجالات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬أمثال‭ ‬الأمير‭ ‬شارلز‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبولس‭ ‬جونسون‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول،‭ ‬بل‭ ‬طال‭ ‬حتى‭ ‬كتابة‭ ‬المقال‭ ‬زهاء‭ ‬مليون‭ ‬وثلاثمئة‭ ‬ألف‭ ‬إنسان‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬قرابة‭ ‬200‭ ‬دولة،‭ ‬مع‭ ‬وفاة‭ ‬نحو‭ ‬73‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬نسبته‭ ‬5‭ %‬،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المتعافين‭ ‬بلغ‭ ‬277‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬المصابين،‭ ‬وفقا‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أظهر‭ ‬الوباء‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬النواحي،‭ ‬ولو‭ ‬أخذنا‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأول،‭ ‬مجازا،‭ ‬وهي‭ ‬أميركا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬اقتصاد‭ ‬العالم،‭ ‬قياسا‭ ‬بالناتج‭ ‬القومي‭ ‬الإجمالي‭ ‬والذي‭ ‬قارب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬استحوذت‭ ‬الدول‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه‭ ‬على‭ ‬حوالي‭ ‬الثلث،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أداؤها‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬استطاعت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬إدارة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬بشكل‭ ‬يتماشى‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬وفي‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬النواحي‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الدول؟‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬نتائجه‭ ‬متى‭ ‬اكتملت‭.‬

ويأتي‭ ‬السؤال،‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬أداء‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين؟‭ ‬وكيف‭ ‬عالجت‭ ‬كوفيد‭ ‬19؟‭ ‬الجواب‭ ‬بلغة‭ ‬الأرقام،‭ ‬حيث‭ ‬الأرقام‭ ‬صنعت‭ ‬موقفا،‭ ‬ملخصه‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬استطاعت‭ ‬بفضل‭ ‬قيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬وإدارتها‭ ‬الحثيثة‭ ‬المتميزة،‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬جميع‭ ‬الحلول‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬ووقتها‭ ‬المناسبين،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬الحزمة‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬4‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬والتي‭ ‬صبت‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المواطنين‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ولعل‭ ‬أهمها‭ ‬مشروع‭ ‬دعم‭ ‬رواتب‭ ‬وأجور‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬إلى‭ ‬يونيو،‭ ‬بمبلغ‭ ‬قدر‭ ‬بـ‭ ‬215‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬اضطلاعها‭ ‬بتسديد‭ ‬فواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تنفس‭ ‬المواطنين‭ ‬الصعداء،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي،‭ ‬ولا‭ ‬يسعنا‭ ‬المقال‭ ‬إلى‭ ‬ذكرها‭ ‬جميعا،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الصحي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬الوقائي‭ ‬والعلاجي،‭ ‬والتي‭ ‬ضيقت‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬وأعداد‭ ‬المتعافين،‭ ‬حيث‭ ‬تشير‭ ‬الأرقام‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬مساء‭ ‬الاثنين‭ ‬الموافق‭ ‬6‭ ‬أبريل‭ ‬2020،‭ ‬استطاعت‭ ‬المملكة‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬حالات‭ ‬المتعافين‭ ‬لتبلغ‭ ‬458‭ ‬حالة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحالات‭ ‬القائمة‭ ‬وهي‭ ‬294‭ ‬حالة،‭ ‬أغلبها‭ ‬حالات‭ ‬مستقرة،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الفحوصات‭ ‬صارت‭ ‬47684‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬أعلاه،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬التعليمية،‭ ‬والإعلامية‭ ‬التوعوية‭ ‬منها‭ ‬والعلمية،‭ ‬وتوفير‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬لأشهر‭ ‬طويلة‭ ‬قادمة،‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول‭ ‬وتطول‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬ارتياح‭ ‬واطمئنان‭ ‬الجميع‭.‬