السيكل!

| سعيد محمد

لم‭ ‬يكن‭ ‬السيكل‭ (‬الدراجة‭ ‬الهوائية‭) ‬الذي‭ ‬تلقاه‭ ‬طفل‭ ‬بحريني‭ ‬في‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬كهدية‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين،‭ ‬يسليه‭ ‬ويفرحه‭ ‬وهو‭ ‬يقضي‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬العصيبة‭ ‬مع‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬المحجر‭.. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬“السيكل”‭ ‬هو‭ ‬“المقام‭ ‬الكبير‭ ‬والصورة‭ ‬المدهشة‭ ‬والقصة‭ ‬الرائعة”‭ ‬التي‭ ‬شاهدها‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬انتشر‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬روح‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬الأصيلة‭ ‬النقية،‭ ‬وهنا‭ ‬يطول‭ ‬مقام‭ ‬الحديث‭.‬

ذلك‭ ‬المقطع‭ ‬الذي‭ ‬شاهدناه‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬إضافة‭ ‬حقيقية‭ ‬لما‭ ‬كنا‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬فرح‭ ‬وبهجة‭ ‬وغبطة‭.. ‬هو‭ ‬إضافة‭ ‬لكل‭ ‬تعابير‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والثناء‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬وجهناها‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬نوجهها‭ ‬وسنوجهها‭ ‬إلى‭ ‬الأبطال‭ ‬الحقيقيين‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬لحمايتنا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الفيروس‭ ‬العنيد‭ ‬والمراوغ‭ ‬والمداهم‭.. ‬هي‭ ‬مفردات‭ ‬الشكر‭ ‬ومشاعر‭ ‬العرفان‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬واللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وإلى‭ ‬جميع‭ ‬الأطقم‭ ‬الطبية‭ ‬والتمريضية‭ ‬والمهن‭ ‬الصحية‭ ‬المساندة‭ ‬وإلى‭ ‬المتطوعين‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬ويد‭ ‬وساعد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬حكومية‭ ‬أم‭ ‬أهلية‭ ‬رصوا‭ ‬صفوفهم‭ ‬أمام‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الجائحة‭ ‬بسبب‭ ‬عدو‭ ‬مجهول‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة،‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬بدوله‭ ‬الكبرى‭ ‬والعظمى‭ ‬والصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والنامية،‭ ‬أمام‭ ‬هلع‭ ‬لا‭ ‬يكد‭ ‬يخبو‭ ‬حتى‭ ‬يشتد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬السلامة‭.‬

إن‭ ‬فرحة‭ ‬الطفل‭ ‬بالسيكل‭ ‬ليست‭ ‬فرحة‭ ‬عادية‭.. ‬جنود‭ ‬أبطال‭ ‬متلثمون‭.. ‬الطفل‭ ‬متلثم‭.. ‬من‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬وهو‭ ‬يلتقطون‭ ‬المقطع‭ ‬متلثمون‭.. ‬أنا‭ ‬وأنت‭ ‬وأنتم‭ ‬وربما‭ ‬المئات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الآلاف‭ ‬منا‭ ‬شاهدوا‭ ‬المقطع‭ ‬وهم‭ ‬متلثمون‭! ‬حسنًا‭ ‬أيها‭ ‬الكرام‭.. ‬إن‭ ‬لقطة‭ ‬كهذه،‭ ‬ويحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭ ‬“هل‭ ‬ضاعفت‭ ‬نبض‭ ‬قلوبنا‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬يضم‭ ‬الجميع؟‭ ‬وهل‭ ‬أعادت‭ ‬الحياة‭ ‬لبعض‭ ‬الضمائر‭ ‬الميتة؟‭ ‬أهذا‭ ‬“السيكل”‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأمله‭ ‬ويتمناه‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬كهذا؟‭ ‬ربما‭ ‬تتعدد‭ ‬الإجابات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬التي‭ ‬أملكها‭ ‬هي‭: ‬ليس‭ ‬“السيكل”‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حرك‭ ‬فينا‭ ‬أجمل‭ ‬إحساس‭ ‬وذرف‭ ‬بعضنا‭ ‬الدموع‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬المقطع،‭ ‬بل‭ ‬لأننا‭ ‬بحرينيون‭ ‬تغلب‭ ‬طيبتنا‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬سماتنا‭ ‬الأخرى‭.‬

هل‭ ‬بكى‭ ‬بعضكم‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬فرحة‭ ‬الطفل‭ ‬لحظة‭ ‬استلام‭ ‬“السيكل”؟‭ ‬فعل‭ ‬بعضنا‭ ‬ذلك،‭ ‬وبعضنا‭ ‬صفق‭ ‬مع‭ ‬المشهد‭ ‬بصورة‭ ‬تلقائية؛‭ ‬لأن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬يصفقون‭ ‬للخير‭ ‬ويسعدون‭ ‬بالمحبة‭ ‬والسلام‭ ‬والأخوة‭.. ‬ويتعاضدون‭ ‬في‭ ‬الشدائد‭.‬