نحن والغرب وحقوق الإنسان.. “كورونا” تُذَكِّرُنا

| عبدالنبي الشعلة

الفترة‭ ‬التي‭ ‬قضيتها‭ ‬وزيرًا‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والتي‭ ‬دامت‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات،‭ ‬وطبيعة‭ ‬المسؤولية‭ ‬والحقيبة‭ ‬الوزارية‭ ‬التي‭ ‬أسندت‭ ‬إليّ،‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت؛‭ ‬أتاحت‭ ‬لي‭ ‬فرصة‭ ‬اللقاء‭ ‬والتفاعل‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭ ‬المعنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وما‭ ‬أكثرها،‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬تابعة‭ ‬لمنظومة‭ ‬“مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني”‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية،‭ ‬أو‭ ‬مؤسسات‭ ‬متفرعة‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وحكومات‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الأخرى‭ ‬تفترض‭ ‬حسن‭ ‬نوايا‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬والقائمين‭ ‬عليها،‭ ‬وتقدر‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يضطلعون‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

وكانت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬اللقاءات‭ ‬والاتصالات‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مجموعة‭ ‬وزراء‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬خصوصًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بجهود‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬لأبنائها‭ ‬وتطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬لتأهيلهم‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المتاحة،‭ ‬والجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لزيادة‭ ‬وتوسيع‭ ‬رقعة‭ ‬مساهمة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬لملايين‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬الأجانب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭.‬

وكانت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬والمبادرات‭ ‬تحظى‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬بتقدير‭ ‬وثناء‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬أيضًا‭ ‬تطالبنا،‭ ‬ضمن‭ ‬مستلزمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بتوفير‭ ‬حق‭ ‬تأسيس‭ ‬نقابات‭ ‬عمالية‭ ‬ومهنية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اختلال‭ ‬هيكلية‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لصالح‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تشهده‭ ‬أو‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬أية‭ ‬منطقة‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل؛‭ ‬إد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬60‭% ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬فكنا‭ ‬نستعرض‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬أولوياتنا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتطوير‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وتنظيمه،‭ ‬وخططنا‭ ‬المرحلية‭ ‬نحو‭ ‬تفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬التمثيل‭ ‬العمالي،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬المنظمات‭ ‬العمالية‭ ‬المسؤولة،‭ ‬وبالفعل‭ ‬بادرت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2002‭ ‬بتأسيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬لنقابات‭ ‬عمال‭ ‬البحرين‭.‬

وللتاريخ؛‭ ‬فإنه‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوفود‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتعرض‭  ‬في‭ ‬قاعات‭ ‬وأروقة‭ ‬منظمات‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعربية‭ ‬إلى‭ ‬الضغوط‭ ‬والاتهامات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والابتزاز؛‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬مندوبي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“المنظمات‭ ‬العمالية‭ ‬العربية”‭ ‬التابعة‭ ‬لأنظمة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬شقيقة،‭ ‬مثل‭ ‬الجماهيرية‭ ‬العربية‭ ‬الليبية‭ ‬الشعبية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الاشتراكية‭ ‬العظمى،‭ ‬والجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية؛‭ ‬طبعًا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أيضًا،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدّعي،‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬أو‭ ‬وجل،‭ ‬بأنها‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الخليجي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حق‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬لتأسيس‭ ‬نقابات‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭! ‬

وكنا‭ ‬نستمع،‭ ‬ونسكت،‭ ‬ونصبر،‭ ‬ونتحمل‭.‬

المشككون‭ ‬منا‭ ‬كانوا‭ ‬مقتنعين‭ ‬بأنه‭ ‬“لحاجة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬يعقوب”‭.. ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬“كلمة‭ ‬حق‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬باطل”؛‭ ‬كانت‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭ ‬المعنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬تطالبنا‭ ‬بالالتزام‭ ‬والتطبيق‭ ‬الفوري‭ ‬بكل‭ ‬مبادئ‭ ‬ومعايير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬كما‭ ‬يفهمها‭ ‬ويفسرها‭ ‬الغرب؛‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حداثة‭ ‬وقصر‭ ‬عهدنا‭ ‬نسبيًا‭ ‬بالاستقلال،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تطبيق‭ ‬وتنفيذ‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬المتطلبات‭ ‬واتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬نافعًا‭ ‬وضروريًا،‭ ‬وتقوم‭ ‬دولنا‭ ‬بتحقيقه‭ ‬وتطبيقه‭ ‬بالفعل،‭ ‬لكن‭ ‬البعض‭ ‬منها‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والنضج‭ ‬والوعي‭ ‬المجتمعي،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬كان‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬تعاليم‭ ‬ديننا‭ ‬وقيمنا،‭ ‬مثل‭ ‬باقة‭ ‬الحقوق‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬تشريع‭ ‬حق‭ ‬ممارسة‭ ‬الشذوذ‭ ‬الجنسي،‭ ‬وحق‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالزواج‭ ‬المثلي،‭ ‬وحق‭ ‬الأبناء‭ ‬والبنات‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مسؤولية‭ ‬وعناية‭ ‬ورقابة‭ ‬الوالدين‭ ‬عنهم‭ ‬فور‭ ‬بلوغ‭ ‬سن‭ ‬الرشد،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تندرج،‭ ‬حسب‭ ‬قيمنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬ومعتقداتنا،‭ ‬ضمن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الانحطاط‭ ‬والانحلال‭ ‬والتفسخ‭ ‬الأخلاقي‭ ‬المرفوض‭.‬

وكنا‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭ ‬إننا‭ ‬نحترم‭ ‬حق‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬بحرية،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬لا‭ ‬تسيء‭ ‬إلى‭ ‬الآخرين‭ ‬ولا‭ ‬تجرحهم‭ ‬أو‭ ‬تصطدم‭ ‬بحرياتهم‭ ‬أو‭ ‬تخدش‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬لمجتمعاتهم،‭ ‬أو‭ ‬تمس‭ ‬الثوابت‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬تتخطى‭ ‬الحدود‭ ‬والخطوط‭ ‬الأخلاقية‭.‬

وكنا‭ ‬نقول‭ ‬لهم‭ ‬إننا‭ ‬نحترم‭ ‬ونؤمن‭ ‬ونلتزم‭ ‬بتطبيق‭ ‬حقوق‭ ‬وحريات‭ ‬الإنسان‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بالكامل،‭ ‬بل‭ ‬إننا‭ ‬ندعمها‭ ‬ونساندها‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬ونعمل‭ ‬جاهدين‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬الفرص‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬للمواطن‭ ‬وحتى‭ ‬الوافد‭ ‬والمقيم‭ ‬وتمكنه‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفرص‭ ‬والإمكانيات‭ ‬والمبادرات‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببعض‭ ‬جوانب‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية،‭ ‬مثل‭ ‬حرية‭ ‬تنظيم‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والمسيرات‭ ‬والمظاهرات‭ ‬وتشكيل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬فإنها،‭ ‬على‭ ‬أهميتها،‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬ضمن‭ ‬أولوياتنا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة؛‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أمامنا‭ ‬ولدينا‭ ‬مهام‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬واستعجالًا‭ ‬وإلحاحًا‭ ‬تفرضها‭ ‬ضرورة‭ ‬سرعة‭ ‬الانعتاق‭ ‬من‭ ‬ربقة‭ ‬الجهل‭ ‬والفقر‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬لنا‭ ‬حقب‭ ‬التخلف‭ ‬والاستعمار‭.‬

وسنكتفي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬بالتوقف‭ ‬عند‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأولويات‭ ‬فقط؛‭ ‬وهي‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والعناية‭ ‬الطبية‭ ‬مجانًا‭ ‬منذ‭ ‬ولادته‭ ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬يختاره‭ ‬الله،‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬“العقل‭ ‬السليم‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬السليم”،‭ ‬حيث‭ ‬سعت‭ ‬وباشرت‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬الطبية‭ ‬الماهرة‭ ‬وتوفير‭ ‬التعليم‭ ‬لها‭ ‬وإنشاء‭ ‬وتجهيز‭ ‬الجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬والمعاهد‭ ‬الطبية‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬وتقديم‭ ‬المنح‭ ‬والبعثات‭ ‬على‭ ‬نفقتها‭ ‬لمختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وتوفير‭ ‬المرافق‭ ‬العلاجية‭ ‬من‭ ‬مستشفيات‭ ‬وعيادات‭ ‬ومراكز‭ ‬صحية‭ ‬وتجهيزها‭ ‬بأحدث‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمعدات‭ ‬والأنظمة‭ ‬كمًا‭ ‬ونوعًا،‭ ‬وتوفيرها‭ ‬مجانًا‭ ‬للمواطن‭ ‬والوافد‭ ‬والمقيم‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأدوية‭ ‬والعقاقير‭ ‬والمستلزمات‭ ‬الطبية‭ ‬المطلوبة‭ ‬وتقديمها‭ ‬للمرضى‭ ‬مجانًا،‭ ‬وفي‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬المستعصية،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬تتكفل‭ ‬على‭ ‬نفقتها‭ ‬بمهمة‭ ‬إرسال‭ ‬المريض‭ ‬إلى‭ ‬الخارج؛‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬والمهام‭ ‬كنا‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬نعتبرها‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم،‭ ‬وهي‭ ‬تتقدم‭ ‬في‭ ‬أهميتها‭ ‬على‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الأحزاب‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭.‬

لقد‭ ‬راهنا‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬وركزنا‭ ‬عليه،‭ ‬وقاومنا‭ ‬الضغوط‭ ‬والمزايدات‭ ‬والمساومات‭ ‬السياسية،‭ ‬ولقد‭ ‬كسبنا‭ ‬الرهان‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬اليوم‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬لأولويات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذا‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقيم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وهذه‭ ‬القناعة،‭ ‬وهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬قادة‭ ‬وحكومات‭ ‬دولنا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬وشفافية‭ ‬وكفاءة‭ ‬واقتدار؛‭ ‬لقد‭ ‬أدركنا‭ ‬خطورة‭ ‬الكارثة‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وتحركنا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬وتمكنا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬قياسية‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الخطير،‭ ‬ووفرنا‭ ‬كافة‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والمتطلبات‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والعلاجية‭ ‬للجميع،‭ ‬فَقَلَّ‭ ‬نسبيًا‭ ‬عدد‭ ‬المصابين،‭ ‬وسجلنا‭ ‬أقل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الموتى‭ ‬وأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتعافين،‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرفه‭ ‬ويشاهده‭ ‬الجميع‭ ‬يوميًا‭ ‬بكل‭ ‬ألم‭ ‬ومرارة‭ ‬وحسرة‭.‬

ولا‭ ‬يوجد‭ ‬مجال‭ ‬هنا‭ ‬للتطرق،‭ ‬ولو‭ ‬باختصار‭ ‬شديد،‭ ‬إلى‭ ‬مبادرات‭ ‬وبرامج‭ ‬الدعم‭ ‬والإنعاش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمعيشي‭ ‬السخية‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬ونفذتها‭ ‬حكوماتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬العصيب،‭ ‬وكيف‭ ‬حرصت‭ ‬دولنا‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬وكرامة‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬مواطنيها‭ ‬العالقين‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وعملت،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬إمكانياتها،‭ ‬على‭ ‬إعادتهم‭ ‬إلى‭ ‬أوطانهم‭ ‬وأهاليهم‭ ‬سالمين‭ ‬مكرمين‭ ‬على‭ ‬نفقتها‭.‬

إن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬على‭ ‬قسوتها،‭ ‬كشفت‭ ‬لنا‭ ‬اليوم‭ ‬كم‭ ‬كنا‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬وصوابًا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الأولويات،‭ ‬وليعذرني‭ ‬من‭ ‬يختلف‭ ‬معي‭.‬