ستة على ستة

كورونا بين منظمة الصحة والأمم المتحدة

| عطا السيد الشعراوي

لقد‭ ‬كدنا‭ ‬ننسى‭ ‬اسم‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬القضايا‭ ‬والأحداث‭ ‬الساخنة‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وقللت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬المنظمة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬معينة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تتعلق‭ ‬بحياة‭ ‬البشر،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬التحدي‭ ‬الأخطر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬والتهديد‭ ‬الأعظم‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الأسرة‭ ‬الدولية‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬ـ‭ ‬19،‭ ‬فإذا‭ ‬بمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تبرز‭ ‬وتعيد‭ ‬طرح‭ ‬نفسها‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬كمؤسسة‭ ‬تحمل‭ ‬بصدق‭ ‬هم‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬أينما‭ ‬وجد‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليها‭ ‬أو‭ ‬ديانة‭ ‬وعرق‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان،‭ ‬وتكون‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬المرشد‭ ‬الواعي‭ ‬والمرجع‭ ‬الأساسي‭ ‬والمعتمد‭ ‬فيما‭ ‬تتخذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬ومحاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وعدم‭ ‬انتشاره،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قضية‭ ‬دولية‭ ‬تتصدى‭ ‬لها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬إذ‭ ‬تتحكم‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭ ‬ـ‭ ‬سواء‭ ‬بحكم‭ ‬هيمنتها‭ ‬وقوتها‭ ‬أو‭ ‬عضويتها‭ ‬الدائمة‭ ‬بمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬مساهمتها‭ ‬المالية‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬وسير‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬وتوجيهها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬ضررا‭ ‬بالغا‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة،‭ ‬أو‭ ‬معرقلة‭ ‬للعدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬أو‭ ‬مثلت‭ ‬تهديدًا‭ ‬للأمن‭ ‬والسلام‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬والأهداف‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إليها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الحديث‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬سيختلف‭ ‬اختلافًا‭ ‬جذريًا‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬قبله،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬عليها‭ ‬وتعديلها‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تظل‭ ‬إطارًا‭ ‬جامعا‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬ومؤسسة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬متفق‭ ‬عليها‭ ‬وأهداف‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طريقة‭ ‬العمل‭ ‬والأداء‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬للتطوير‭ ‬والتعديل‭ ‬لتكون‭ ‬ناطقة‭ ‬بحق‭ ‬عن‭ ‬الجميع،‭ ‬وساعية‭ ‬بجد‭ ‬لنشر‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬ومعبرة‭ ‬بصدق‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬والعدل‭ ‬لتضمن‭ ‬حشد‭ ‬جهود‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وتتمكن‭ ‬من‭ ‬التصدي‭ ‬لمختلف‭ ‬المشكلات‭ ‬والأزمات،‭ ‬وتغنينا‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬فتوفر‭ ‬بذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬والجهود‭ ‬والأموال‭ ‬فيما‭ ‬يفيد‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭.‬