ياسمينيات

ورُبَّ كورونا نافعة!

| ياسمين خلف

الوباء‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬نواجهه‭ ‬اليوم،‭ ‬والسعي‭ ‬الحثيث‭ ‬لمكافحة‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)‬،‭ ‬دفع‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الخيارات‭ ‬المطروحة‭ ‬للحد‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬من‭ ‬شلل‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية،‭ ‬والتي‭ ‬تعرقلت‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فاعتماد‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬تعليق‭ ‬الدراسة‭ ‬بالمدارس‭ ‬والجامعات،‭ ‬كان‭ ‬الخيار‭ ‬الذي‭ ‬ورغم‭ ‬بعض‭ ‬سلبياته‭.. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬الخيار‭ ‬الذي‭ ‬سيضعنا‭ ‬فعلياً‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬إيجابياتها‭ ‬بلاشك‭ ‬ستتضح‭ ‬بعد‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬للناس‭.‬

لا‭ ‬ننكر،‭ ‬فالتعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬قد‭ ‬يظلم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطلبة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬الأصغر‭ ‬سناً‭ ‬منهم،‭ ‬المعتمدين‭ ‬على‭ ‬مدرسيهم‭ ‬أو‭ ‬أولياء‭ ‬أمورهم‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬المعلومة،‭ ‬فبعضهم‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬حاسوباً‭ ‬خاصاً،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬المنازل‭ ‬يتشارك‭ ‬الأبناء‭ ‬جميعهم‭ ‬في‭ ‬حاسوب‭ ‬واحد،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬عملية‭ ‬التعلم‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬تواقيت‭ ‬ثلاثة‭ ‬أو‭ ‬أربعة‭ ‬أشقاء‭! ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأهالي‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬خطاً‭ ‬للإنترنت،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬الوقت‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬التدريس‭ ‬لارتباطاتهم‭ ‬العملية‭ ‬بالدوامات‭ ‬الرسمية‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬مهارات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحاسوب،‭ ‬فلا‭ ‬يمكنهم‭ ‬دعم‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ففاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه‭ ‬كما‭ ‬يقال‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ناطقي‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬ويعتمد‭ ‬أبناؤهم‭ ‬على‭ ‬المدرسين‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬مواد‭ ‬دراسية‭ ‬يحتاج‭ ‬فيها‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬معلم‭ ‬يشرح‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬الدروس‭ ‬كالرياضيات‭ ‬مثلاً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيصعب‭ ‬على‭ ‬الطلبة‭ ‬وصول‭ ‬المعلومات‭ ‬أثيرياً‭! ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهتها‭ ‬بوضع‭ ‬حلول‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬اعتيادية‭. ‬لكن‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الكارثية،‭ ‬فخيار‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬به‭ ‬نواقص،‭ ‬ومهما‭ ‬واجه‭ ‬فيه‭ ‬الطلبة‭ ‬وأولياء‭ ‬أمورهم‭ ‬من‭ ‬صعوبات،‭ ‬فبلا‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬ستكون‭ ‬نتيجته‭ ‬إيجابية،‭ ‬إذ‭ ‬سيضع‭ ‬أرجل‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬عتبة‭ ‬التعلم‭ ‬العصري‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬اتباعه‭ ‬عاجلاً‭ ‬أم‭ ‬آجلاً،‭ ‬وخير‭ ‬معلم‭ ‬التجارب،‭ ‬خصوصاً‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬تحصرك‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬خيار‭ ‬غير‭ ‬الخضوع‭ ‬لها‭. ‬

 

ياسمينة‭:

‬للأزمات‭ ‬محاسنها‭ ‬كذلك‭.‬