وَخْـزَةُ حُب

البحرين تقود المرحلة بجدارة من لغة التطمين... إلى الفعل

| د. زهرة حرم

الأحداث‭ ‬السريعة‭ ‬المتوالية،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬سمعنا‭ ‬عن‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬للإصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي؛‭ ‬تشعرنا‭ ‬بأن‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬مرّ،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الشهرين‭! ‬والحق‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كمواطنين‭ ‬أو‭ ‬مقيمين‭ ‬لم‭ ‬نُصب‭ ‬بـ‭ ‬“هستيريات”‭ ‬الفزع‭ ‬التي‭ ‬صبغت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولاسيما‭ ‬العظمى،‭ ‬لا‭ ‬يرجع‭ ‬هذا‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬أعداد‭ ‬الحالات‭ ‬المصابة،‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬لكن،‭ ‬إلى‭ ‬التعاطي‭ ‬الرسمي‭ ‬مع‭ ‬الأزمة،‭ ‬وهو‭ ‬–‭ ‬لأي‭ ‬متابع‭ ‬منصف‭ ‬ونزيه‭ ‬–‭ ‬محل‭ ‬تقدير،‭ ‬ونظر،‭ ‬وإلهام‭.‬

ماذا‭ ‬احتاج‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا،‭ ‬متابع‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الصين‭ ‬–‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬مضت‭ ‬–‭ ‬وعلم‭ ‬يقينا‭ ‬أن‭ ‬كورونا‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬أرضه،‭ ‬قريبًا‭ ‬منه؛‭ ‬سوى‭ ‬لغة‭ ‬تطمينية،‭ ‬تقول‭ ‬له‭: ‬سنتولى‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭. ‬خرجت‭ ‬إلينا‭ ‬الحكومة‭ ‬البحرينية،‭ ‬حاملة‭ ‬عبء‭ ‬المرحلة؛‭ ‬فعلِمنا‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬تُوارب،‭ ‬أو‭ ‬تُداهن،‭ ‬أو‭ ‬تتستر،‭ ‬أو‭ (‬تتفرج‭) ‬أمام‭ ‬حدث‭ ‬جلل؛‭ ‬كالكورونا،‭ ‬وهكذا‭ ‬أيقنّا‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬قيادة؛‭ ‬ستعبر‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬المحطة‭ ‬الآمنة‭.‬

لم‭ ‬نكن‭ ‬نحتاج‭ ‬–‭ ‬أول‭ ‬الأمر‭ ‬–‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬النفس،‭ ‬والهدوء؛‭ ‬لنستطيع‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬بوعي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬راهنت‭ ‬عليه‭ ‬حكومة‭ ‬البحرين؛‭ ‬فبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬إصابة،‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬فبراير؛‭ ‬عقد‭ ‬أول‭ ‬مؤتمر‭ ‬للحملة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الفيروس،‭ ‬حاملا‭ ‬رسالة‭ ‬مهمة،‭ ‬مفادها‭: ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬وباء‭ ‬حقيقي،‭ ‬قد‭ ‬احترزت‭ ‬منه‭ ‬البحرين‭ ‬بخطة‭ ‬استباقية‭ ‬قبل‭ ‬وصوله،‭ ‬ووضعت‭ ‬له‭ ‬استراتيجية‭ ‬علاجية،‭ ‬استرشدت‭ ‬فيها‭ ‬بتعليمات‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬فماذا‭ ‬يعني‭ ‬هذا؟

لاشك‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬تعاطيًا‭ ‬سريعًا،‭ ‬واستجابة‭ ‬فورية؛‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬لنا‭ ‬القيادة‭ ‬مساحة‭ ‬للتكهنات،‭ ‬أو‭ ‬الغموض،‭ ‬بل‭ ‬وضعتنا‭ ‬–‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ - ‬أمام‭ ‬طبيعة‭ ‬المرحلة،‭ ‬بشفافية‭ ‬وصدق،‭ ‬وقدمت‭ ‬لنا‭ ‬الأرقام،‭ ‬والحقائق‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وأشركتنا‭ ‬في‭ ‬المواجهة؛‭ ‬فأصبح‭ ‬التحدي‭ ‬وطنيًا،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬جماعية‭. ‬وكان‭ ‬لقرار‭ ‬القيام‭ ‬بحملات‭ ‬التطوع‭ ‬صداه،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬بلوغ‭ ‬أرقام‭ ‬تُعد‭ ‬بالآلاف‭ ‬فقط،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الشعور‭ ‬بخطورة‭ ‬الأزمة؛‭ ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬القيادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬تعي‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬يصنعه‭ ‬الجميع،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬توشك‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬توثيقه‭ ‬حول‭ ‬تعاطيها‭ ‬التاريخي‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬ستمضي،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تمضي‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبًا‭ ‬دون‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الوقفات،‭ ‬ودروس‭ ‬المراجعة،‭ ‬والمتابعة،‭ ‬والتقييم،‭ ‬ستمضي‭ ‬الأزمة‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأنها‭ ‬علمت‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬فينا،‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬وطن،‭ ‬يحتضنه،‭ ‬ويلجأ‭ ‬إليه،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬يذود‭ ‬عنه،‭ ‬وعن‭ ‬حماه‭. ‬إن‭ ‬أبلغ‭ ‬درس‭ ‬علمنا‭ ‬إياه‭ ‬كورونا‭ ‬هو‭ ‬الوطنية،‭ ‬وبامتياز‭.‬