أنسنة

كورونا المستجد... أزمة وفرص (1)

| رجاء مرهون

أكتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أمضينا‭ ‬أياما‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬طبقنا‭ ‬حرفيا‭ ‬حملة‭ ‬“خليك‭ ‬بالبيت”،‭ ‬حيث‭ ‬تمر‭ ‬الساعات‭ ‬والأيام‭ ‬بين‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬ومهام‭ ‬العمل‭ ‬الأخرى،‭ ‬أتصفح‭ ‬عشرات‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬يوميا‭ ‬وتمر‭ ‬كلمة‭ ‬“كورونا”‭ ‬بذهني‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والرياضية‭ ‬والثقافية‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬الوضع‭ ‬مرهقا‭ ‬ذهنيا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

متى‭ ‬تنتهي‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة؟‭ ‬وكيف‭ ‬تنتهي؟‭ ‬ومتى‭ ‬تعود‭ ‬تجمعات‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء؟‭ ‬ومتى‭ ‬نعود‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬أهلنا‭ ‬ونعبر‭ ‬عن‭ ‬مشاعرنا‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬أذيتهم،‭ ‬أسئلة‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬يستطيع‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬المجهول‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬سيد‭ ‬المشهد‭ ‬العالمي،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أزال‭ ‬متفائلة‭.. ‬نعم،‭ ‬متفائلة‭ ‬بدفع‭ ‬من‭ ‬قناعتي‭ ‬بأن‭ ‬“الفرص‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الأزمات”،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬بمثابة‭ ‬فرص‭ ‬للتأمل‭ ‬والتفكير‭ ‬وإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬واقعنا‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬عديدة‭.‬

أرى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فرصة‭ ‬لإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬الأدوار‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للعلم‭ ‬والفكر‭ ‬والبحث،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬سرق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬والمهتمات‭ ‬بالأزياء‭ ‬والموضة‭ ‬والمكياج‭ ‬الأضواء‭ ‬واهتمام‭ ‬المجتمع‭ ‬ومتابعته،‭ ‬أضحى‭ ‬المجتمع‭ ‬اليوم‭ ‬مؤهلا‭ ‬لإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬الأشخاص‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭.‬

وكم‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬الطبيب‭ ‬البحريني‭ ‬عبر‭ ‬تخصيص‭ ‬ميزانيات‭ ‬أكبر‭ ‬لضمان‭ ‬استمرار‭ ‬عملية‭ ‬تدريبه‭ ‬وتطويره‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬المتجدد،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬واستكمال‭ ‬القرارات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لمساعدة‭ ‬خريجي‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬بلوغ‭ ‬حلمهم‭ ‬بممارسة‭ ‬مهنة‭ ‬الطب‭. ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬تفرض‭ ‬علينا‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬مراجعته‭ ‬وهو‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬الأساسية‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬التأمين‭ ‬والضمان‭ ‬الصحي،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬شركات‭ ‬التأمين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬تكاليف‭ ‬اختبار‭ ‬كورونا‭ ‬وعلاجه‭ ‬لا‭ ‬تغطى‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي،‭ ‬ونلاحظ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬انتشر‭ ‬فيها‭ ‬الفيروس‭ ‬حاصدا‭ ‬الأرواح‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ترددت‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬اختبارات‭ ‬الفيروس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬المشتبه‭ ‬بإصابتها‭ ‬لدواعي‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأرباح‭ ‬شركات‭ ‬التأمين‭ ‬والرسوم‭ ‬وغيرها‭. ‬

وهنا،‭ ‬نجد‭ ‬لزاما‭ ‬علينا‭ ‬دعوة‭ ‬الحكومة‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية‭ ‬وتوظيف‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استمرار‭ ‬تقديم‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الخدمات،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬دور‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬التنظيمي‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭.‬