ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدحر الوباء

| د. عبدالقادر ورسمه

مبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر؛‭ ‬نظرا‭ ‬لتوسع‭ ‬وزيادة‭ ‬المجالات‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬المجتمع‭ ‬المتطور،‭ ‬وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬التوسع‭ ‬الأفقي‭ ‬والرأسي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬بمفرده‭ ‬التصدي‭ ‬للتحديات‭ ‬وبالقدر‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭.‬

لقد‭ ‬ظل‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬يقوم‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬الضرورية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والأمن‭ ‬والطرقات‭ ‬والبيئة‭ ‬وغيرها‭.‬

وبسبب‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬للمزيد،‭ ‬شارك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وقام‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬الخاص‭ ‬وبناء‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬وفي‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى‭ ‬المطلوبة‭.‬

وبالطبع،‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬تساهم‭ ‬وبفعالية‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الدرجات‭ ‬ووفق‭ ‬حاجة‭ ‬المجتمع‭ ‬بمختلف‭ ‬فئاته‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

وكما‭ ‬نعلم‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬شركات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتنفيذا‭ ‬للتعليمات‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المختصة،‭ ‬قامت‭ ‬بإصدار‭ ‬أنظمة‭ ‬“حوكمة‭ ‬الشركات”‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭. ‬والأنظمة‭ ‬القانونية‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬تتضمن‭ ‬بابا‭ ‬يتناول‭ ‬مساهمة‭ ‬الشركة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬اذ‭ ‬عبره،‭ ‬تلتزم‭ ‬الشركات‭ ‬بالمساهمة‭ ‬المادية‭ ‬والفعلية‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭.‬

وللشركة،‭ ‬اختيار‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمع‭. ‬وبالفعل،‭ ‬نلاحظ‭ ‬قيام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬“المساهمة‭ ‬المجتمعية”‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬وتشجيع‭ ‬الشباب‭ ‬ودعم‭ ‬مشاريعهم‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬وغيره‭. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يجد‭ ‬التأييد‭ ‬المطلق‭ ‬والعرفان‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭.‬

والآن‭ ‬تمر‭ ‬البحرين،‭ ‬وكل‭ ‬العالم،‭ ‬بظروف‭ ‬قاهرة‭ ‬اضطرارية‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬فيروس‭.‬

هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬يفتك‭ ‬ويضرب‭ ‬في‭ ‬شتي‭ ‬أركان‭ ‬العالم‭ ‬قاصيه‭ ‬ودانيه،‭ ‬يحتاج‭ ‬لوقفة‭ ‬متماسكة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭.‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاصطفاف‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬لكسر‭ ‬امتداد‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ‬أحدا‭ ‬من‭ ‬الكبار‭ ‬أو‭ ‬الصغار‭ ‬ولا‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬الحدود‭ ‬بل‭ ‬يدخل‭ ‬بدون‭ ‬الحاجة‭ ‬لأوراق‭ ‬ثبوتية،‭ ‬وهنا‭ ‬مكمن‭ ‬الخطر‭ ‬لأنه‭ ‬طار‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬وضرب‭ ‬الغرب‭.‬

وتقديرا‭ ‬لهذه‭ ‬المأساة‭ ‬الجلل،‭ ‬فإننا‭ ‬نتوقع‭ ‬قيام‭ ‬شركات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بالتباري‭ ‬ونيل‭ ‬قصب‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مجهودات‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬لا‭ ‬يألو‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الوباء‭ ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭. ‬الجميع‭ ‬يرى‭ ‬بإعجاب،‭ ‬الجهود‭ ‬الحكومية‭ ‬ووقفتها‭ ‬القوية‭ ‬لتتجاوز‭ ‬البحرين‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬العصيب‭.‬

وها‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬لمد‭ ‬يده‭ ‬والإمساك‭ ‬بيد‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬للعمل‭ ‬معا‭ ‬بروح‭ ‬واحدة‭ ‬وعقل‭ ‬واحد‭ ‬ونية‭ ‬صادقة‭ ‬لحماية‭ ‬البحرين‭ ‬لتخرج‭ ‬بسلامة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭ ‬الحرج‭.‬

ونتطلع‭ ‬لقيام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بالدور‭ ‬المطلوب‭ ‬وضرب‭ ‬المثل‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬قلعة‭ ‬حصينة‭ ‬للشراكة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات‭ ‬وتحت‭ ‬كل‭ ‬الظروف،‭ ‬فهذا‭ ‬وقتكم‭ ‬لاستنفار‭ ‬أموالكم‭ ‬المرصودة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬المجتمع‭. ‬ويد‭ ‬الجماعة‭ ‬لابد‭ ‬منتصرة‭ ‬بقوتها‭ ‬وتكاتفها‭ ‬لمصلحة‭ ‬كل‭ ‬المجتمع‭. ‬