زبدة القول

هل يمكن أن يحل التعاون محل الصراع

| د. بثينة خليفة قاسم

تابعت‭ ‬الدنيا‭ ‬كلها‭ ‬تفاصيل‭ ‬المكالمة‭ ‬التلفونية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬والرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬وقول‭ ‬الأخير‭ ‬إن‭ ‬الصين‭ ‬مستعدة‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ومع‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ووصف‭ ‬ترامب‭ ‬المكالمة‭ ‬بأنها‭ ‬جيدة،‭ ‬فهل‭ ‬يمكن‭ ‬بالفعل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تفشي‭ ‬كورونا‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬النمط‭ ‬الصراعي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬ولو‭ ‬لفترة‭ ‬مؤقتة؟

سؤال‭ ‬يطرحه‭ ‬الفقراء‭ ‬وتطرحه‭ ‬الأمم‭ ‬المسالمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمارس‭ ‬الحروب‭ ‬التجارية‭ ‬ولا‭ ‬تمارس‭ ‬الحروب‭ ‬البيولوجية‭ ‬ولكنها‭ ‬فقط‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬أمان‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬ومن‭ ‬الجراثيم‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لتدميره‭ ‬مئات‭ ‬المرات‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬هذه‭ ‬الأحلام‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬أم‭ ‬تبقى‭ ‬موجودة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬خطب‭ ‬الوعاظ‭ ‬وقصائد‭ ‬الشعراء؟‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتنع‭ ‬الكبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭ ‬يهدد‭ ‬البشرية‭ ‬كلها،‭ ‬ويحل‭ ‬التعاون‭ ‬محل‭ ‬الصراع‭ ‬والقتل‭ ‬والدمار؟

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فتلك‭ ‬هي‭ ‬سنة‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬والتي‭ ‬خلقت‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬الجنة‭ ‬والنار،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يدور‭ ‬الكون‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬“ولو‭ ‬دفع‭ ‬الله‭ ‬الناس‭ ‬بعضهم‭ ‬ببعض‭ ‬لفسدت‭ ‬الأرض”‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لأن‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الأميركية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬على‭ ‬الامبراطوريات‭ ‬التي‭ ‬سبقتها‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الأميركية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬أن‭ ‬تضمحل‭ ‬وتنتهي،‭ ‬لذلك‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تخطط‭ ‬لعام‭ ‬أو‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام،‭ ‬ولكنها‭ ‬تخطط‭ ‬لمئة‭ ‬عام‭ ‬قادمة‭.‬

والصين‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬تشعر‭ ‬أنها‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬غايتها‭ ‬كامبراطورية‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬ينقصها‭ ‬المال‭ ‬ولا‭ ‬السلاح‭ ‬ولا‭ ‬العلم‭ ‬لكي‭ ‬تأخذ‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تتعاون‭ ‬الامبراطوريتان‭ ‬فيما‭ ‬يحقق‭ ‬الخير‭ ‬للكوكب‭ ‬كله؟‭.‬