مُلتقطات

“الأعلى للمرأة”... وجائحة التعليم

| د. جاسم المحاري

يُشار‭ ‬لداء‭ ‬الجائحة‭ ‬–‭ ‬اصطلاحاً‭ ‬وفق‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬–‭ ‬بالوباء‭ ‬الذي‭ ‬ينتشر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬شديد‭ ‬الاتساع،‭ ‬متجاوزاً‭ ‬الحدود‭ ‬الدُوليَّة،‭ ‬تاركاً‭ ‬أثره‭ ‬المدمر‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬غير‭ ‬أنّه‭ ‬أضحى‭ ‬جائحة‭ ‬دواء‭ ‬أفاضت‭ ‬بخيرها‭ ‬الوفير‭ ‬وعلاجاتها‭ ‬الناجعة‭ ‬على‭ ‬شامل‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬“مملكة‭ ‬البحرين”،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬مخططات‭ ‬الضواحي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬زقاق‭ ‬القرى‭ ‬وشتات‭ ‬الأحياء‭ ‬أيضاً‭. ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬الذي‭ ‬ينبض‭ ‬بروح‭ ‬العلم‭ ‬والمعارف،‭ ‬قد‭ ‬وردَ‭ ‬نِتاج‭ ‬قناعة‭ ‬ويقين‭ ‬بتلك‭ ‬الروح‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬أثرها‭ ‬البالغ‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وتمخضت‭ ‬عنه‭ ‬عناصر‭ ‬تميزت‭ ‬بالوعي‭ ‬جيلاً‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬بعدما‭ ‬تزودت‭ ‬براقي‭ ‬التربية‭ ‬وعلو‭ ‬الأخلاق‭ ‬وفق‭ ‬خصوصيات‭ ‬العلم‭ ‬الموضوعية‭ ‬والواقعية‭ ‬والسببية‭.‬

هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬المعرفية‭ ‬Knowledge Pandemic‭ ‬لم‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬جنس‭ ‬الذكور‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬ضمّت‭ ‬بين‭ ‬دفتيها‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬معاً،‭ ‬حتى‭ ‬برزت‭ ‬الأخيرة‭ ‬–‭ ‬المرأة‭ ‬–‭ ‬بصورة‭ ‬لافتة‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬لمجلس‭ ‬المعارف‭ (‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬حالياً‭) ‬في‭ ‬14‭ ‬يناير‭ ‬1957م‭ ‬الذي‭ ‬أوصى‭ ‬بتعليم‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬فروع‭ ‬المعرفة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المسعى‭ ‬“الجريء”‭ ‬بفتح‭ ‬مدارس‭ ‬للبنات‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مقتصراً‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬آنذاك،‭ ‬لاسيّما‭ ‬أنّها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬حتى‭ ‬إنشاء‭ ‬“مدرسة‭ ‬خديجة‭ ‬الكبرى”‭ ‬كأول‭ ‬مدرسة‭ ‬للبنات‭ ‬عام‭ ‬1928م،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبر‭ ‬بالحدث‭ ‬التاريخي‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يترجم‭ ‬لحاق‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬بحماسة‭ ‬بركب‭ ‬التعليم‭ ‬وتأهيلها‭ ‬لتكون‭ ‬المعلمة‭ ‬والمهندسة‭ ‬والطبيبة‭ ‬و‭... ‬إلخ‭.‬

نافلة‭:‬

إصدار‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬أغسطس‭ ‬2001م‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬لكتاب‭ ‬“المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والتعليم‭.. ‬إشراقات‭ ‬مبكرة‭ ‬وريادة‭ ‬وطنية”‭ ‬الذي‭ ‬تضمّن‭ ‬نحو‭ ‬مئة‭ ‬صفحة‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬مقدمة‭ ‬وأربعة‭ ‬فصول؛‭ ‬يأتي‭ ‬محطة‭ ‬توثيق‭ ‬ثرّة‭ ‬لسلسلة‭ ‬متواصلة‭ ‬في‭ ‬حقب‭ ‬متوالية‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬وجهودها‭ ‬الوطنية‭ ‬الخالصة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬مسيرة‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنجازات‭ ‬وبذل‭ ‬العطاءات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬يوماً‭ ‬حتى‭ ‬نالت‭ ‬لعلّتها‭ ‬عالي‭ ‬الدرجات‭ ‬العلمية‭ ‬ودفعتها‭ ‬لتقلّد‭ ‬أرفع‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬وتبّوؤ‭ ‬بالغ‭ ‬الرتب‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬متنوع‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭ ‬والطبية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬وغيرها‭. ‬كما‭ ‬يشكّل‭ ‬–‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ - ‬مرجعاً‭ ‬لرصد‭ ‬إسهامات‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬الباذلة‭ ‬–‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬شقيقها‭ ‬الرجل‭ - ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬ملامح‭ ‬النهضة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬الغالية‭ ‬وتبيان‭ ‬معطياتها‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬التزمت‭ ‬الخصوصية‭ ‬الثقافية‭ ‬البحرينية‭ ‬الخالصة‭ ‬والانفتاح‭ ‬الحضاري‭ ‬الواعي،‭ ‬وحَفِظَتْ‭ ‬لها‭ ‬المشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وطنها،‭ ‬وحَصَدَت‭ ‬منها‭ ‬المكاسب‭ ‬في‭ ‬تبنّيها‭ ‬لمنصات‭ ‬الحراك‭ ‬الثقافي‭ ‬والأدبي‭ ‬الواسع‭ ‬مع‭ ‬إشراقة‭ ‬شمس‭ ‬التعليم‭ ‬وانطلاقته‭ ‬الواثقة‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬الريادة‭ ‬المزدهرة‭.‬