الأبطال الحقيقيون.. يهزمون “كورونا”

| سعيد محمد

ربما‭ ‬تابع‭ ‬بعض‭ ‬القراء‭ ‬الكرام‭ ‬التقرير‭ ‬المتلفز‭ ‬الذي‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬2‭ ‬أبريل‭ ‬2020،‭ ‬والذي‭ ‬تحدث‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمواطنات‭ ‬ووجهوا‭ ‬مشاعر‭ ‬التقدير‭ ‬والعرفان‭ ‬والشكر‭ ‬الجزيل‭ ‬لكل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬وممرضين‭ ‬ومهن‭ ‬طبية‭ ‬مساندة‭ ‬وعمال،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يحق‭ ‬وصفهم‭ ‬“بالأبطال”‭ ‬وهم‭ ‬يستحقونه‭ ‬بجدارة،‭ ‬وأقولها‭ ‬بكل‭ ‬صدق،‭ ‬هزموا‭ ‬“كورونا”‭! ‬وربما‭ ‬يتساءل‭ ‬البعض‭:‬”كيف؟‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الوضع‭ ‬مقلقًا؟”‭.‬

أقول،‭ ‬حينما‭ ‬تنساب‭ ‬كلمات‭ ‬التقدير‭ ‬والثناء‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬أبطالنا،‭ ‬بدءًا‭ ‬باللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ومرورًا‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والفريق‭ ‬الوطني‭ ‬لمكافحة‭ ‬كورونا‭ ‬ووصولًا‭ ‬إلى‭ ‬المتطوعين‭ ‬وكل‭ ‬السواعد‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تبذل‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬حصنًا‭ ‬يحصن‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الوباء،‭ ‬فهم‭ ‬لم‭ ‬يتصدوا‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬فحسب،‭ ‬فالحالات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اكتشافها‭ ‬تعطي‭ ‬دليلًا‭ ‬على‭ ‬دقة‭ ‬العمل،‭ ‬والحالات‭ ‬التي‭ ‬تتعافى‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬الخدمات‭ ‬والرعاية‭ ‬المقدمة‭ ‬رغم‭ ‬شدة‭ ‬الموقف‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬متواصل‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬تسير‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬جدًا،‭ ‬ثم‭ ‬المتابعة‭ ‬الميدانية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬الشرائح‭ ‬وأخذ‭ ‬العينات‭ ‬العشوائية‭ ‬ميدانيًا،‭ ‬تكشف‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬“فريق‭ ‬البحرين”‭ ‬هو‭ ‬ركن‭ ‬مهم،‭ ‬وإذا‭ ‬جئنا‭ ‬إلى‭ ‬العالقين‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬أم‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬فالدولة‭ ‬أعلنت‭ ‬الموقف‭ ‬بكل‭ ‬صراحة‭ ‬“لن‭ ‬نتخلى‭ ‬عن‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين”‭.. ‬ربما‭ ‬نختلف‭ ‬أو‭ ‬نتفق‭ ‬حول‭ ‬نوعية‭ ‬ومستوى‭ ‬وأسلوب‭ ‬الإجراءات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أمر‭ ‬مشروع،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الرائع‭ ‬أن‭ ‬تتوالى‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬إعادة‭ ‬العالقين‭.‬

الانتصار‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬“كورونا”‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬لكي‭ ‬نعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬أفكارها‭ ‬وبناء‭ ‬مجتمعنا‭ ‬الذي‭ ‬عانى‭ ‬الكثير،‭ ‬فجاءت‭ ‬كلمات‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬المعبرة‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص‭ ‬عن‭ ‬حب‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ومواطنيه‭ ‬بلا‭ ‬طائفية‭ ‬وبلا‭ ‬طبقية‭ ‬وبلا‭ ‬أيديولوجيا‭ ‬تفتت‭ ‬أركان‭ ‬البيت‭ ‬وتهدد‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭.. ‬الانتصار‭ ‬الذي‭ ‬أقصده‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬ويعيشها‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬جعلت‭ ‬الكثيرين‭ ‬يعيدون‭ ‬حسابات‭ ‬عديدة،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭.. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬قابليتهم‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬أفكار‭ ‬مسبقة‭ ‬خاطئة‭.. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬اليد‭ ‬مع‭ ‬اليد‭ ‬ورص‭ ‬الكتف‭ ‬مع‭ ‬الكتف‭.. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬لجم‭ ‬الأصوات‭ ‬الطائفية‭ ‬البغيضة‭ ‬وإخماد‭ ‬أصوات‭ ‬الفتنة‭... ‬هذا‭ ‬انتصار‭ ‬كبير‭.. ‬أليس‭ ‬لنا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نرسل‭ ‬باقات‭ ‬الزهور‭ ‬إلى‭ ‬الأبطال‭.. ‬ولعل‭ ‬سائل‭ ‬يسأل‭ ‬“من‭ ‬هم‭ ‬الأبطال؟”،‭ ‬وأعيد‭.. ‬هم‭ ‬أبطال‭ ‬المواجهة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الصحي‭.. ‬وهم‭ ‬أنت‭ ‬وأنا‭ ‬وهؤلاء‭ ‬وأولئك‭ ‬ونحن‭ ‬وهم،‭ ‬طالما‭ ‬نيات‭ ‬أعمالنا‭ ‬هي‭: ‬البحرين‭ ‬أولًا‭.‬