تيارات

ابحثوا عن البروفيسور

| راشد الغائب

التعاطف‭ ‬مع‭ ‬الضعيف‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مجرما‭.. ‬تكتيك‭ ‬نفسي‭ ‬شائع،‭ ‬لكسب‭ ‬الود،‭ ‬ليبدو‭ ‬الشرير‭ ‬طيبا،‭ ‬بينما‭ ‬ينضح‭ ‬بالخزي‭.‬

وعندما‭ ‬يلعب‭ ‬منتخب‭ ‬الكاميرون‭ ‬دون‭ ‬أحذية‭ ‬مباراة‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬ضد‭ ‬البرازيل،‭ ‬فإن‭ ‬الأخير‭ ‬فائز‭ ‬بلا‭ ‬منازع،‭ ‬ولكن‭ ‬قلب‭ ‬المتابع‭ ‬يميل‭ ‬للكاميرون‭. ‬هذه‭ ‬قاعدة‭ ‬عمل‭ ‬“البروفيسور”‭ ‬بالمسلسل‭ ‬الأشهر‭ ‬بمنصة‭ ‬“نتفلكس”‭.‬

ملخص‭ ‬المسلسل‭ ‬المشوق‭ - ‬والمحبوك‭ ‬دراميا‭ - ‬عن‭ ‬عصابة‭ ‬تسطو‭ ‬على‭ ‬دار‭ ‬سك‭ ‬العملة‭ ‬وفيدرالي‭ ‬الذهب‭ ‬بإسبانيا،‭ ‬وغنيمتها‭ ‬طباعة‭ ‬2‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬مرشحا‭ ‬خاسرا‭ ‬بالانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬لمعت‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬عندما‭ ‬اختصر‭ ‬طريق‭ ‬إنعاش‭ ‬جيوب‭ ‬البحرينيين‭ ‬بفكرته‭ ‬المجنونة‭: ‬“ليطبع‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬النيطان،‭ ‬ويوزع‭ ‬النقود‭ ‬على‭ ‬المحتاجين‭!‬”‭.‬

تنجح‭ ‬عصابة‭ ‬“البروفيسور”‭ ‬في‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬تأييد‭ ‬شعبي‭ ‬ضد‭ ‬توجه‭ ‬الشرطة،‭ ‬لتطهير‭ ‬الدار‭ ‬الحكومية‭ ‬وتحرير‭ ‬الرهائن‭.‬

يهتف‭ ‬المتظاهرون‭ ‬مع‭ ‬العصابة،‭ ‬وليس‭ ‬ضدها؛‭ ‬لأن‭ ‬الأخيرة‭ ‬ذاكرت‭ ‬جيدا‭ ‬الدروس‭ ‬الحقوقية‭ ‬والقانونية،‭ ‬وتنبذ‭ ‬“داعش”؛‭ ‬لأنها‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬نادي‭ ‬السفاحين‭. ‬وأقنعت‭ ‬المتابعين‭ ‬لعملية‭ ‬السطو‭ ‬بأنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬حفنة‭ ‬مجرمين،‭ ‬وإنما‭ ‬مواطنون‭ ‬يقاومون‭ ‬الفساد‭ ‬بالسرقة،‭ ‬ثم‭ ‬ينثرون‭ ‬الأموال‭ ‬بالميادين‭ ‬العامة‭ ‬عبر‭ ‬مناطيد‭!‬

أفراد‭ ‬العصابة‭ ‬لا‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬شخصيات‭ ‬بالمشهد‭ ‬البحريني‭ ‬والعربي‭ ‬والعالمي‭. ‬يبررون‭ ‬قراراتهم‭ ‬السخيفة‭ ‬ومواقفهم‭ ‬السقيمة،‭ ‬بأعذار‭ ‬تستميل‭ ‬الضحية،‭ ‬للتعاطف‭ ‬معهم،‭ ‬مثل‭ ‬متلازمة‭ ‬ستوكهولم‭. ‬والضحية‭ ‬تمضي‭ ‬في‭ ‬تبرير‭ ‬الخطأ،‭ ‬وتجميل‭ ‬القبيح،‭ ‬وتتعامى‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬شيء‭ ‬أسود‭.‬

فتشوا‭ ‬حولنا‭... ‬ستجدون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬“بروفيسور”،‭ ‬سواء‭ ‬بجهات‭ ‬رسمية‭ ‬أو‭ ‬شخصيات‭ ‬سياسية‭ ‬معارضة،‭ ‬يسطون‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬والمشاعر،‭ ‬ويغررون‭ ‬رهائنهم‭ (‬الموظفين،‭ ‬الشباب،‭ ...)‬،‭ ‬ويقنعونهم‭ ‬أن‭ ‬الجريمة‭ ‬الذميمة‭ ‬من‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‭!‬

 

تيار

“لا‭ ‬تحزن‭ ‬فالله‭ ‬يرسل‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬اللحظات‭ ‬يأسا،‭ ‬والمطر‭ ‬الكثير‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬الغيوم‭ ‬الأكثر‭ ‬ظلمة”‭.‬

مولانا‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬الرومي