من جديد

التباعد الاجتماعي

| د. سمر الأبيوكي

بعدما‭ ‬ثبتنا‭ ‬أصول‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬رغم‭ ‬قسوتها‭ ‬وسنها‭ ‬طرقا‭ ‬جديدة‭ ‬للحب‭ ‬والحنان‭ ‬والاطمئنان‭ ‬والبيع‭ ‬والشراء‭ ‬والهجر‭ ‬والقرب‭ ‬والعداوة‭ ‬والصداقة،‭ ‬ها‭ ‬نحن‭ ‬نعود‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬لروابط‭ ‬حقيقية‭ ‬إنسانية‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭.‬

فالصورة‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا،‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬يعني‭ ‬غرقا‭ ‬حتميا‭ ‬في‭ ‬شاشة‭ ‬الهاتف‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬من‭ ‬آباء‭ ‬وأمهات‭ ‬وأزواج‭ ‬وزوجات‭ ‬وأبناء‭ ‬من‭ ‬الجنسين،‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬غير‭ ‬حقيقي‭ ‬يرسم‭ ‬مشاعر‭ ‬الحب‭ ‬بإرسال‭ ‬قلب‭ ‬ملون‭ ‬ومشاعر‭ ‬الشوق‭ ‬بوجه‭ ‬باسم‭ ‬وأحاسيس‭ ‬الوهن‭ ‬بألوان‭ ‬مخالفة،‭ ‬باتت‭ ‬مشاعرنا‭ ‬وسما‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له‭ ‬حتى‭ ‬الضحكات‭ ‬ترسل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬القلب‭.‬

والله‭ ‬أعجب‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬الدنيا؛‭ ‬فها‭ ‬نحن‭ ‬نطبق‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تنفيذا‭ ‬لتوجه‭ ‬عالمي‭ ‬لحماية‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ونلزم‭ ‬بيوتنا‭ ‬فتزيد‭ ‬مشاعر‭ ‬الألفة‭ ‬والتقارب‭ ‬والاهتمام‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يلعب‭ ‬دورا‭ ‬حقيقيا‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬جمعات‭ ‬كلها‭ ‬ود‭ ‬وراحة‭ ‬وسوالف‭ ‬جميلة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬شاشات‭ ‬الهاتف‭ ‬أو‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬التي‭ ‬ابتلعتنا‭ ‬كوحش‭ ‬يتوق‭ ‬لشد‭ ‬ضحيته‭ ‬إلى‭ ‬شباكه،‭ ‬فلا‭ ‬هو‭ ‬افترسها‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬تاركها‭! ‬نعم‭ ‬إنه‭ ‬الوصف‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتعلقنا‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ (‬غير‭ ‬الاجتماعي‭) ‬كما‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬أحيانا‭. ‬

 

ومضة‭: ‬يا‭ ‬حبذا‭ ‬لو‭ ‬نظرنا‭ ‬للجانب‭ ‬المشرق‭ ‬الذي‭ ‬سطرته‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬أوطان‭ ‬حقيقية‭ ‬تجمعنا،‭ ‬أسر‭ ‬تسعنا،‭ ‬نعم‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى،‭ ‬فلله‭ ‬الحمد‭ ‬في‭ ‬الرخاء‭ ‬والشدة،‭ ‬والحمدلله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جميل‭ ‬ماض‭ ‬وكل‭ ‬جميل‭ ‬آت‭.‬