يوم الضمير العالمي

| عبدعلي الغسرة

ما‭ ‬يُميز‭ ‬العمل‭ ‬الصائب‭ ‬عن‭ ‬الخاطئ‭ ‬هو‭ ‬الضمير،‭ ‬ويٌمثل‭ ‬الضمير‭ ‬قدرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬الشعور‭ ‬بالندم‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬ليس‭ ‬صحيحا‭ ‬ويتنافى‭ ‬مع‭ ‬قيمه‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬ويتجسد‭ ‬الضمير‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬التي‭ ‬تَحكم‭ ‬الإنسان‭ ‬وتُعبد‭ ‬له‭ ‬السلوك‭ ‬القويم‭ ‬أثناء‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬بينهم‭. ‬لذا،‭ ‬فالضمير‭ ‬ليس‭ ‬قانونا‭ ‬ولا‭ ‬قرارا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فهم‭ ‬الإنسان‭ ‬للمسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬لسلوكه‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وما‭ ‬يؤكد‭ ‬وجود‭ ‬الضمير‭ ‬هو‭ ‬القوة‭ ‬الدافعة‭ ‬للتهذيب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬للاستجابة‭ ‬الإيجابية‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الإنسان‭ ‬والمجتمع‭ ‬سواء‭ ‬للفرد‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭.‬

ولأجل‭ ‬أهمية‭ ‬الضمير‭ ‬للإنسان‭ ‬والأوطان‭ ‬اعتمدت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ (‬73‭) ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2019م‭ ‬مبادرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المُوقر‭ ‬بجعل‭ ‬يوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬يومًا‭ ‬دوليًا‭ ‬للضمير،‭ ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الإنسانية‭. ‬منها‭: ‬تعزيز‭ ‬التفاهم‭ ‬والتضامن‭ ‬لبناء‭ ‬عالم‭ ‬مستدام‭ ‬قوامه‭ ‬المحبة‭ ‬والوئام‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الضمير،‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لإرساء‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬تطويع‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬الدولي‭ ‬والمؤسساتي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الدوليين،‭ ‬جعل‭ ‬الضمير‭ ‬وسيلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفقر‭ ‬والاحتكار‭ ‬والبطالة‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭.‬

ويعيش‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬أزمة‭ ‬الضمير‭ ‬الحيّ؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سيطرت‭ ‬القوة‭ ‬والجهل‭ ‬على‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬أرسى‭ ‬ثقافة‭ ‬الغزو‭ (‬سرقة‭ ‬الدول‭ ‬بعد‭ ‬غزوها‭ ‬وتدمير‭ ‬حضاراتها‭ ‬وطمس‭ ‬ثقافتها‭)‬،‭ ‬إحلال‭ ‬الاختلاف‭ ‬الديني‭ ‬والمذهبي‭ ‬محل‭ ‬إجماع‭ ‬الفكر‭ ‬والحوار،‭ ‬سبي‭ ‬الإناث‭ ‬واستعباد‭ ‬الذكور،‭ ‬استباحة‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬لمختلف‭ ‬الأديان،‭ ‬القتل‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬والعقيدة‭ ‬الدينية،‭ ‬وممارسات‭ ‬كثيرة‭ ‬أعادتنا‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬الجاهلية،‭ ‬متناسين‭ ‬سماحة‭ ‬ورحمة‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭.‬

إن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بيوم‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ديباجة‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ (‬كان‭ ‬تناسي‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وازدراؤها‭ ‬قد‭ ‬أفضيا‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬همجية‭ ‬ذات‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني‭)‬،‭ ‬ويتناغم‭ ‬مع‭ ‬الدعوات‭ ‬والقرارات‭ ‬والمواثيق‭ ‬والعهود‭ ‬الدولية‭ ‬والوطنية‭ ‬الداعية‭ ‬للتفاعل‭ ‬والتكافل‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مبادئ‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬ونبذ‭ ‬العُنف‭ ‬والكره‭ ‬والطائفية‭ ‬والعرقية،‭ ‬والمانعة‭ ‬لنشوب‭ ‬الحروب‭ ‬ومعالجة‭ ‬المنازعات‭ ‬بالحوار‭ ‬والتفاوض‭ ‬الحكيم‭. ‬

 

هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬تُمثل‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬السجل‭ ‬الوطني‭ ‬لصاحب‭ ‬السمو‭ ‬ولسجل‭ ‬البحرين‭ ‬السياسي‭ ‬والحقوقي‭.‬