ريشة في الهواء

خريطة جديدة للعالم قريبًا!

| أحمد جمعة

سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭: ‬“سلامة‭ ‬المواطن‭ ‬أولوية‭ ‬أينما‭ ‬كان”،‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الكونية‭ ‬الثانية،‭ ‬يواجه‭ ‬العالم‭ ‬امتحانًا‭ ‬جديًا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬والشعوب‭ ‬والأفراد،‭ ‬ودون‭ ‬التوغل‭ ‬بالتفاصيل،‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الامتحان،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬متوسطة‭ ‬الدرجة‭ ‬ودول‭ ‬فشلت‭ ‬تمامًا،‭ ‬وكذلك‭ ‬حكومات‭ ‬وشعوب‭ ‬وأفراد،‭ ‬فهذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬بالعصر‭ ‬الحديث،‭ ‬كشفت‭ ‬وجه‭ ‬الجميع،‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬بمستوى‭ ‬المسؤولية‭ ‬ومن‭ ‬أخفق‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬واقع‭... ‬فالأزمات‭ ‬أكبر‭ ‬مصنع‭ ‬لإنتاج‭ ‬النجاح‭ ‬أو‭ ‬الفشل،‭ ‬الأزمات‭ ‬اختبار‭ ‬تتحقق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬النتائج،‭ ‬وستكشف‭ ‬الأوقات‭ ‬التالية‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الحقائق‭ ‬المذهلة‭ ‬بكل‭ ‬مكان،‭ ‬لن‭ ‬نحكم‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الأزمة‭ ‬بل‭ ‬غدًا‭ ‬سترسو‭ ‬السفينة‭ ‬وتلقى‭ ‬المرساة‭ ‬ويخرج‭ ‬الركاب‭ ‬ومعهم‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وقت‭ ‬الأزمة‭ ‬مخبأة‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬الحدث‭.‬

من‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬منها‭ ‬وانتشر‭ ‬وشعرت‭ ‬بالذنب‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تصرح‭... ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬التي‭ ‬اجتاحها‭ ‬الوباء‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬فيها‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬فقاتلت‭ ‬الوباء‭ ‬منفردة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخلى‭ ‬عنها‭ ‬حليفها‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهذا‭ ‬سيؤدي‭ ‬ربما‭ ‬لانسحابها‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لاحقاً‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لأزمة‭ ‬معه‭... ‬إلى‭ ‬أميركا‭ ‬التي‭ ‬سحقها‭ ‬الوباء‭ ‬ومازالت‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الدواء،‭ ‬وليس‭ ‬اللقاح‭ ‬لأن‭ ‬الآخر‭ ‬يستحيل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭. ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬بروح‭ ‬رياضية‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬دبلوماسية‭ ‬ذكية،‭ ‬إلى‭ ‬كوبا‭ ‬التي‭ ‬رغم‭ ‬الحصار‭ ‬الغربي‭ ‬عليها‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كله‭.‬‭.. ‬ولن‭ ‬أذكر‭ ‬إيران‭ ‬لأن‭ ‬الوضع‭ ‬هناك‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مقال‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬موسوعة‭.‬

الاختبار‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأفراد‭ ‬متباين‭ ‬ومختلف‭ ‬بين‭ ‬شعب‭ ‬وآخر،‭ ‬بل‭ ‬وبين‭ ‬أفراد‭ ‬الشعب‭ ‬الواحد،‭ ‬فهناك‭ ‬شعوب‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬إنسانية‭ ‬وحضارية‭ ‬وتفاعلت‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬بكفاءة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬الشعب‭ ‬الإيطالي‭ ‬الذي‭ ‬حارب‭ ‬بشراسة‭ ‬الآلاف‭ ‬بينهم‭ ‬الأطباء‭ ‬والمسعفون‭ ‬والممرضون‭ ‬والمتطوعون،‭ ‬وهناك‭ ‬شعوب‭ ‬مغلوبة‭ ‬على‭ ‬أمرها‭ ‬كالشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬بطش‭ ‬به‭ ‬الوباء‭ ‬ولم‭ ‬تحرك‭ ‬حكومته‭ ‬شيئًا‭ ‬بالأيام‭ ‬الأولى،‭ ‬بل‭ ‬تركته‭ ‬ومصيره‭ ‬المجهول‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬حكومة‭ ‬فاشية‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرن،‭ ‬حين‭ ‬تركت‭ ‬زوارها‭ ‬والمقيمين‭ ‬فيها‭ ‬يواجهون‭ ‬الموت‭ ‬وحدهم،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بذلك‭ ‬وقامت‭ ‬بطرد‭ ‬المقيمين‭ ‬بالفنادق‭ ‬منها‭ ‬دون‭ ‬إنسانية‭ ‬تذكر‭.‬

هذا‭ ‬الاختبار‭ ‬العالمي‭... ‬كشف‭ ‬هشاشة‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر،‭ ‬فدول‭ ‬عظمى‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬ودول‭ ‬صغيرة‭ ‬محدودة‭ ‬الإمكانيات‭ ‬ساعدت‭ ‬دولا‭ ‬كبرى‭ ‬وبعثت‭ ‬لها‭ ‬طواقم‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين،‭ ‬مثل‭ ‬كوبا‭ ‬التي‭ ‬حاصرها‭ ‬الغرب‭ ‬عقودا‭ ‬طويلة‭ ‬ولكنها‭ ‬أثبتت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬جدارة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭. ‬إن‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬ومع‭ ‬انقشاع‭ ‬دخان‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬ستظهر‭ ‬لنا‭ ‬ولو‭ ‬بعد‭ ‬حين‭ ‬معادن‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬والأفراد،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سيتغير‭ ‬العالم‭ ‬180‭ ‬درجة‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬الحربين‭ ‬الكونيتين‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

 

تنويرة‭:

‬الصمت‭ ‬رأي‭!.‬