زبدة القول

يا له من كائن جبار

| د. بثينة خليفة قاسم

على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬قام‭ ‬الأقوياء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬ورفضوا‭ ‬كل‭ ‬النداءات‭ ‬التي‭ ‬توسلت‭ ‬إليهم‭ ‬بأن‭ ‬يقللوا‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الضارة‭ ‬التي‭ ‬تؤذي‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها،‭ ‬وواصلوا‭ ‬الطمع‭ ‬وتلويث‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فجاءهم‭ ‬هذا‭ ‬الكائن‭ ‬العجيب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬أحد‭ ‬وحبس‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وأوقف‭ ‬المصانع‭ ‬والانبعاثات‭ ‬لكي‭ ‬يرفع‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬الذي‭ ‬نتنفسه‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬يتخيلها‭ ‬أحد‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬كل‭ ‬الناشطين‭ ‬البيئيين‭ ‬ولا‭ ‬الأحزاب‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تاريخهم‭.‬

إنه‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬أجبر‭ ‬أعضاء‭ ‬العائلة‭ ‬الواحدة‭ ‬أن‭ ‬يجلسوا‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬وأن‭ ‬يرى‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬تباعد‭ ‬وافتراق‭. ‬إنه‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬هذب‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وعلمها‭ ‬النظافة‭.‬

إنه‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يفرق‭ ‬بين‭ ‬الأمير‭ ‬تشارلز‭ ‬وبين‭ ‬أفقر‭ ‬الفقراء‭. ‬إنه‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬يكفيه‭ ‬فخرا‭ ‬أنه‭ ‬أوقف‭ ‬البشرية‭ ‬عاجزة‭ ‬ذليلة‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬أسلحتها‭ ‬ونقلها‭ ‬من‭ ‬عبادة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬إلى‭ ‬عبادة‭ ‬الله‭ ‬القادر‭.‬

أي‭ ‬صوت‭ ‬هذا‭ ‬وأية‭ ‬بلاغة‭ ‬وأية‭ ‬قوة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أقنعت‭ ‬أو‭ ‬أرغمت‭ ‬جبابرة‭ ‬الأرض‭ ‬أن‭ ‬ينفقوا‭ ‬ثلث‭ ‬ميزانياتهم‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الوقاية‭ ‬والعلاج؟

فلتعودي‭ ‬إلى‭ ‬رشدك‭ ‬أيتها‭ ‬البشرية‭ ‬ولتعرفي‭ ‬أن‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬قدرة‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يصنعه‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يهدمه‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬تراه‭ ‬العين‭.‬