بشفافية

بعد تطوير القضاء والوسائل البديلة لحل المنازعات.. تبقى التظلم يا سادة

| عبدالجبار الطيب

منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬جرى‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مرفق‭ ‬القضاء‭ ‬والجهات‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬فض‭ ‬المنازعات‭ ‬بالطرق‭ ‬البديلة‭ ‬كالتحكيم‭ ‬والوساطة‭ ‬والتوفيق،‭ ‬وهي‭ ‬جهود‭ ‬نرفع‭ ‬القبعة‭ ‬فيها‭ ‬لمعالي‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء‭ ‬رئيس‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬ولمعالي‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والأوقاف‭ ‬ولسعادة‭ ‬النائب‭ ‬العام،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬طورت‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬وانتقلت‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬أمن‭ ‬المجتمع‭ ‬والأمن‭ ‬الوطني‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬الأمن‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهذا‭ ‬التطور‭ ‬مشار‭ ‬إليه‭ ‬بشكل‭ ‬تفصيلي‭ ‬في‭ ‬أطروحتي‭ ‬للماجستير‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬بعنوان‭ ‬“الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬على‭ ‬موازنة‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬قواعد‭ ‬الشفافية”‭.‬

ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬ونظم‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التظلم‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬وزارات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وهيئات‭ ‬عامة‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ضعيفة،‭ ‬تحتاج‭ ‬لسيلان‭ ‬وتغذية‭ ‬صحية‭ ‬وبروتينات‭ ‬ويمكن‭ ‬“Personal Trainer”‭ ‬لتقوى‭ ‬وتتحسن‭ ‬وتحقق‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭. ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يغيب‭ ‬عنا‭ ‬أن‭ ‬التظلم‭ ‬الإداري‭ ‬إجراء‭ ‬أولي‭ ‬ومهم‭ ‬بعده‭ ‬يلجأ‭ ‬للقضاء،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يحتاج‭ ‬التدقيق‭ ‬فيه،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬إن‭ ‬نجح‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬وتحصل‭ ‬المتظلم‭ ‬على‭ ‬حقه‭ ‬القانوني‭ ‬دون‭ ‬تعسف‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬نكون‭ ‬تلقائيا‭ ‬خففنا‭ ‬على‭ ‬الجهاز‭ ‬القضائي‭ ‬كما‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الجهة‭ ‬الحكومية،‭ ‬والرابط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التظلم‭ ‬والطعن‭ ‬القضائي‭ ‬وثيق،‭ ‬فكلاهما‭ ‬يستهدفان‭ ‬تحصيل‭ ‬الحقوق‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭.‬

إن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التظلم‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وجب‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بالحماية‭ ‬الفاعلة‭ ‬المؤثرة‭ ‬بتطوير‭ ‬إجراءاته‭ ‬وضمان‭ ‬فاعليتها‭. ‬أعيد‭ (‬وضمان‭ ‬فاعليتها‭)‬،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬أهم‭ ‬إجراء‭ ‬إداري‭ ‬يقي‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬ظهور‭ ‬أو‭ ‬تنامي‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنني‭ ‬أهيب‭ ‬بجهات‭ ‬عدة‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬ناحية‭ ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬التظلم‭ ‬وفاعليته‭ ‬كديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬بأن‭ ‬يفعل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬دور‭ ‬إدارة‭ ‬الرقابة‭ ‬الإدارية،‭ ‬ومعهد‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬عليه‭ ‬دور‭ ‬تثقيفي‭ ‬كبير،‭ ‬وكل‭ ‬وزير‭ ‬في‭ ‬وزارته،‭ ‬وكل‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬ولي‭ ‬فيه‭ ‬أمر‭ ‬الناس،‭ ‬وكذلك‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية،‭ ‬فلتضاعف‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬جهدها‭ ‬لتحقيق‭ ‬فعالية‭ ‬التظلم‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬الناجحة،‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يقال‭ ‬إنني‭ ‬أطرح‭ ‬المشكلة‭ ‬ولا‭ ‬أعطي‭ ‬حلا،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هنالك‭ ‬خط‭ ‬اتصال‭ ‬للنزاهة ‭ (‬Integrity Line‭) ‬أو‭ ‬مكتب‭ ‬مركزي‭ ‬لجميع‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬يتبع‭ ‬ديوان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬مكتب‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬عليا،‭ ‬فمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬عمل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تابعا‭ ‬لأعلى‭ ‬المستويات،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬للتواصل‭ ‬آمنا‭ ‬للمبلغين‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬سرية‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬من‭ ‬الـ‭ ‬FBI،‭ ‬يقدم‭ ‬عن‭ ‬طريقه‭ ‬المبلغين‭ (‬الموظفين‭ ‬والعاملين‭) ‬شكاوى‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬وعدم‭ ‬النزاهة‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المختلفة‭ ‬وفي‭ ‬الشركات‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ ‬فيها‭ ‬الحكومة‭ ‬حق‭ ‬الإدارة‭ ‬كونها‭ ‬تملك‭ ‬غالبية‭ ‬رأس‭ ‬مالها،‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬هذا‭ ‬المكتب‭ ‬بدراسة‭ ‬الحالات‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭.‬

ويتولى‭ ‬هذا‭ ‬المكتب‭ ‬تقديم‭ ‬تقارير‭ ‬لسمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ولسمو‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬عن‭ ‬مواطن‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬اختصاصات‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬إنشاء‭ ‬المكتب‭.‬

كذلك‭ ‬من‭ ‬المهم،‭ ‬وهذا‭ ‬خطاب‭ ‬للسلطة‭ ‬التشريعية،‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اعتبار‭ ‬بعض‭ ‬حالات‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬فالمالي،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الجرائم‭ ‬الجنائية،‭ ‬بل‭ ‬وبعضها‭ ‬وجب‭ ‬أن‭ ‬يتقرر‭ ‬عقاب‭ ‬مالي‭ (‬غرامة‭ ‬ثقيلة‭) ‬على‭ ‬الموظف‭ ‬صاحب‭ ‬الصلاحية‭ ‬المتعسف‭ ‬الذي‭ ‬مارس‭ ‬هذا‭ ‬الفساد،‭ ‬يدفع‭ ‬من‭ ‬ماله‭ ‬الشخصي‭ ‬ليتألم‭ ‬“ويخلي‭ ‬عنده‭ ‬شوية‭ ‬دم”‭ ‬ويرتدع‭.‬

إن‭ ‬تفعيل‭ ‬آليات‭ ‬المساءلة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬والعقاب‭ ‬الرادع‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬الحكومي‭ ‬وتجويد‭ ‬سبل‭ ‬التظلم‭ ‬وتحسينها‭ ‬دوريا‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر؛‭ ‬لضمان‭ ‬فاعليتها‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬متطلبات‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭.‬

 

المقال‭ ‬كاملا في الرابط ادناه:

http://www.albiladpress.com/posts/636813.html