عنفوان

“اللغة الكورونية”!

| جاسم اليوسف

في‭ ‬زمن‭ ‬“الكورونا”،‭ ‬المفردات‭ ‬السلبية‭ ‬تخلق‭ ‬شرارة‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬تأثيرها‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الاعتداء‭ ‬البدني‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتجلب‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والكراهية‭ ‬المجتمعية،‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬جميعا‭. ‬

وأذكّر‭ ‬جميع‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذين‭ ‬أعتقد‭ ‬جازما‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬كبيرة‭ ‬بربهم‭ ‬بهذا‭ ‬النص‭ ‬القراني‭ ‬“وجادلهم‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬إن‭ ‬ربك‭ ‬هو‭ ‬أعلم‭ ‬بمن‭ ‬ضل‭ ‬عن‭ ‬سبيله‭ ‬وهو‭ ‬أعلم‭ ‬بالمهتدين”‭. ‬فهل‭ ‬هنالك‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬دليل‭ ‬استرشادي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المختلفين‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يا‭ ‬معشر‭ ‬المؤمنين‭!‬

جميعنا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انفجار‭ ‬وطوارئ‭ ‬لما‭ ‬سببته‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬اللعينة‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬نشهدها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬“التباعد‭ ‬الاجتماعي”،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نحمل‭ ‬بعضنا‭ ‬على‭ ‬سبعين‭ ‬محملا‭ ‬جراء‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬الطارئ،‭ ‬فهنالك‭ ‬الأب‭ ‬المحاصر‭ ‬في‭ ‬منزله،‭ ‬والأم‭ ‬المهمومة‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬أعبائها‭ ‬الإضافية،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬ما‭ ‬سببته‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الاستثنائية‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬حياة‭ ‬لسنا‭ ‬معتادين‭ ‬على‭ ‬تجربتها،‭ ‬لتفتش‭ ‬بعدها‭ ‬أصابع‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬الكبس‭ ‬على‭ ‬أزرار‭ ‬هاتفه‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الأخبار‭ ‬العاجلة‭ ‬ذات‭ ‬الإثارة‭ ‬للتنفيس‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الاضطرابات‭ ‬باللعن‭ ‬والشتم‭ ‬والتخبيص‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نختلف‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬وربما‭ ‬المعتقد‭.‬

‭ ‬اللغة‭ ‬العقيمة‭ ‬وغير‭ ‬الحضارية‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتغير،‭ ‬فلسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مناكفات‭ ‬تشعل‭ ‬أسفين‭ ‬حرب‭ ‬افتراضية‭ ‬بين‭ ‬فئتين،‭ ‬بل‭ ‬إننا‭ ‬محتاجون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬للتعاضد‭ ‬وتغليب‭ ‬مصلحة‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالأزمات،‭ ‬وأهمية‭ ‬السير‭ ‬خلف‭ ‬توجيهات‭ ‬قيادتنا‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬ملف‭ ‬مكافحة‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬احترافي‭ ‬كبير،‭ ‬وشهد‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭.‬