تيارات

رسالة الإنذار الأخيرة

| راشد الغائب

الاحتكار‭ ‬“فيروس‭ ‬سام”‭ ‬يصيب‭ ‬التجار‭ ‬بمختلف‭ ‬البلدان،‭ ‬وضربهم‭ ‬بالقانون‭ ‬أقوى‭ ‬ترياق،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬القصص‭ ‬إيداع‭ ‬تونس‭ ‬صاحب‭ ‬مخزن‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬بالسجن‭ ‬بتهمة‭ ‬الاحتكار،‭ ‬وسجن‭ ‬مصر‭ ‬مدير‭ ‬مخزن‭ ‬حجب‭ ‬الأرز‭ ‬والعدس‭ ‬والسكر‭ ‬عن‭ ‬التداول‭ ‬لبيعها‭ ‬بأزيد‭ ‬من‭ ‬سعر‭ ‬السوق‭.‬

البحرين‭ ‬ليست‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس،‭ ‬وحدَّت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬جموح‭ ‬المخالفات‭ ‬بعد‭ ‬“تحميرها‭ ‬العين”‭ ‬ضد‭ ‬التجار‭ ‬الجشعين،‭ ‬وردع‭ ‬مخالفي‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬للتصدي‭ ‬لتفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬

أعتبر‭ ‬أمر‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‭ ‬ببيع‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية‭ ‬المحتكَرة‭ ‬بالأسواق‭ ‬“رسالة‭ ‬الإنذار‭ ‬الأخيرة”‭ ‬لأيّ‭ ‬تاجر،‭ ‬عينه‭ ‬للمضاربة‭ ‬بأسعار‭ ‬السلع‭ ‬المعيشية،‭ ‬استغلالا‭ ‬لشح‭ ‬تدفقها؛‭ ‬بسبب‭ ‬أوضاع‭ ‬الاستيراد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭.  ‬

النتيجة‭ ‬الميدانية‭ ‬لأمر‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬انعكست‭ ‬بهبوط‭ ‬أسعار‭ ‬السلع،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬إجراءات‭ ‬اتخذتها‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬انخفاض‭ ‬سعر‭ ‬كارتون‭ ‬الطماطم‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬دينارا‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬–‭ ‬14‭ ‬دينارا‭ ‬بحسب‭ ‬عدد‭ ‬الكيلوات‭ ‬بكل‭ ‬كارتون‭.‬

قوبلت‭ ‬إجراءات‭ ‬النيابة‭ ‬بارتياح‭ ‬شعبي‭ ‬واسع،‭ ‬وتجدّدت‭ ‬مطالبات‭ ‬قراء‭ ‬الصحيفة‭ ‬ومستخدمي‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ونواب‭ ‬للتشهير‭ ‬بأسماء‭ ‬المخالفين؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الردع،‭ ‬وهو‭ ‬واجب‭ ‬يتراخى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬المبادرة‭ ‬بتحويله‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬لواقع‭ ‬ملموس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اقتراح‭ ‬التعديل‭ ‬المناسب‭ ‬بالقانون؛‭ ‬لأن‭ ‬التشريع‭ ‬النافذ‭ ‬لا‭ ‬يجيز‭ ‬التشهير‭ ‬بالمخالف‭.‬

ورسالتي‭ ‬لمجلس‭ ‬النواب‭ ‬بضرورة‭ ‬مغادرة‭ ‬موقع‭ ‬المتفرج،‭ ‬ورد‭ ‬الفعل،‭ ‬والرغبات‭ ‬الشعبوية،‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬الاقتراحات‭ ‬المؤثرة‭ ‬بالقوانين،‭ ‬ولتكن‭ ‬التجربة‭ ‬السعودية‭ ‬قدوة،‭ ‬حيث‭ ‬تشمل‭ ‬عقوبات‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الغش‭ ‬التجاري‭ ‬التشهير‭ ‬باسم‭ ‬المخالف‭ ‬بالصحف‭ ‬المحلية‭ ‬والوسائل‭ ‬الإلكترونية‭.. ‬وعلى‭ ‬نفقته‭.‬

 

تيار

“كل‭ ‬نفس‭ ‬ذائقة‭ ‬الموت،‭ ‬ولكن‭ ‬ليست‭ ‬كل‭ ‬نفس‭ ‬ذائقة‭ ‬الحياة‭!‬”‭.‬

مولانا‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬الرومي